ولما أنهى الكلام على الحذف من الاسم شرع في الكلام على الحذف من الفعل فأشار إليه بقوله: وشذ في الفعل ... إلى آخره، وذكر خمس كلمات منها قولهم:
لا أدر، ولا أبال، وإنما حذفت الياء منهما، لكثرة الاستعمال فقصدوا التخفيف على اللسان، ولكثرة ما حذفت الياء في: لا أبال إذا أدخلوا الجازم؛ توهموا أن اللام هي آخر الكلمة في الأصل فسكنوها للجزم، فلما سكنت حذفت الألف لالتقاء الساكنين. فقالوا: لم أبل والفصيح الجاري على القياس: لم أبال.
ومنها قولهم: عم صباحا، والأصل: انعم صباحا، فحذفت النون التي هي فاء الكلمة، فحصل الاستغناء عن همزة الوصل، قال الشيخ: وهذه مناقضة من المصنف، فإنه يرى أن: عم صباحا لا تتصرف كما ذكره فيما تقدم وهنا جعل أصله: انعم، وانعم يتصرف (٤). انتهى. وقد يجاب عن المصنف بأن انعم كان متصرفا قبل الحذف، ثم إنه بعد الحذف منع التصرف، ثم قال الشيخ: وقد تقدم لنا أن العرب تقول: وعم يعم بمعنى: نعم ينعم، فلا يكون على هذا عم صباحا مما حذفت منه النون، بل مما حذفت منه الواو نحو: عد وزن، وهو قياس مطرد (٥).
انتهى. ومنها قوله: ولو تر ما الصبيان، أصله: ترا بالألف، فحذفت الألف على -
(١) انظر القول المذكور في المساعد لابن عقيل (٤/ ٢٠٨) محكيّا عن أبي زيد. (٢) البيت من بحر الكامل وهو لأبي الأسود الدؤلي كما ذكرت مراجعه (ملحقات ديوانه ص ١٣٤). والشاهد فيه: قوله: يا با المغيرة بحذف همزة أب بعد يا، وانظر البيت في المساعد لابن عقيل (٤/ ٢٠٨). (٣) البيت من بحر الطويل وهو لقائل مجهول. اللغة: با جاد: أصله أبا جاد، وهو موضع الشاهد؛ حيث حذفت الهمزة من أب ولم تسبقها يا أو لا وهو نادر، مرامر: اسم رجل قيل: إنه مع رجال من طيئ أول من وضعوا الخط وآل مرامر هم أولاد له ثمانية. (٤) التذييل (٦/ ١٩٤ أ). (٥) المرجع السابق.