لوجود مانع يمنع من كل منهما، وهذا بعيد ولا بد من التأمل لذلك، ومهما صح عند المتأمل يكن العمل بحسبه.
المسألة الثالثة:
أن الاستغناء قد حصل بجمع التصحيح المذكر في بعض الثلاثي الذي هو صفة، عن جمع التكسير إن كان ذلك الاسم الذي هو صفة لمذكر عاقل، وأن الاستغناء حصل - أيضا - بجمع التصحيح المؤنث عن جمع التكسير في ما لا يعقل مذكرا ما [٦/ ٨٠] لم يكسر؛ فإنه كسّر منه شيء لم يجمع جمع تصحيح، وقد أشار المصنف إلى الأولى بقوله: واستغني بمذكر التصحيح في بعض الثلاثي صفة لمذكر عاقل، وإلى الثاني بقوله: وبمؤنثه فيما لم يكسر من اسم ما لا يعقل مذكرا، ومثال الأول على ما ذكره الشيخ: عجلون، وحذرون، وندسون (١) قال: فهذه لم تجمع جمع تكسير؛ لأنهم استغنوا فيها بجمع التصحيح عن جمع التكسير (٢)، ومثال الثاني على ما ذكره الشيخ أيضا: حمّامات وسحلات وإصطبلات وسرادقات (٣)، وأشار بقوله: وقد يفعل ذلك به ثابتا تكسيره إلى: بواق؛ فإنه جمع بالألف والتاء، وإن كانوا قد كسّروه فقالوا: بوق ومن ثم قال أبو الطيّب:
٤٢٣٥ - إذا كان بعض النّاس سيفا لدولة ... ففي النّاس بوقات له وطبول (٤)
فقال في بوق: بوقات من أنه قد كسر، حيث قالوا: أبواق، وهذا الذي قلناه أولى من قول من ينسب أبا الطيب إلى اللحن في قوله: بوقات (٥).
المسألة الرابعة:
أن الجمع بالألف والتاء في صفات ما لا يعقل مطلقا أي سواء كسّر أم لم يكسّر؛ -
(١) اللسان (ندس). (٢) التذييل (٦/ ٤) (ب). (٣) المرجع السابق. (٤) من الطويل قائله أبو الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة، بوقات: جمع بوق وأراد بالبوق والطبل: الشعراء الذين يشيعون ذكره ويذكرون في أشعارهم غزواته، فينتشر بهم ذكره في الناس، والشاهد فيه قوله: بوقات، حيث جمع الشاعر: بوق بالألف والتاء، وقيل: إن ذلك لحن، قال ابن جني: وقد عاب على أبي الطيب من لا خبرة له بكلام، نحو جمع بوق على بوقات والقياس يعضده إذ له نظائر كثيرة: حمام، وحمامات، وسرادق، وسرادقات، وقرار وقرارات. انظر: المحتسب (١/ ٢٩٥)، (٢/ ١٥٣)، والمقرب (٢/ ٥١)، والهمع (١/ ٢٣)، وديوانه (٢/ ٨٧) والتكملة (١/ ٤٧١). (٥) انظر: الهمع (١/ ٢٣)، والمقرب (٢/ ٥١).