وأشار بقوله: وقد يقام أحدهما مقام الآخر وغيرهما مقامهما، إلى أن المعاوضة قد تحصل بين فعّال وفاعل، وإلى أن غيرهما يقوم مقامها، فمثال قيام فعال مقام فاعل، أي: يراد بفعّال صاحب كذا كما يراد بفاعل، قول امرئ القيس:
٤٢٢٩ - وليس بذي رمح فيطعنني به ... وليس بذي سيف وليس بنبّال (١)
أي: وليس بذي نبل، قال المصنف: وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى:
وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢) أي: بذي ظلم (٣). انتهى. ومن ذلك قولهم:
سيّاف لصاحب السيف، وتراس لصاحب الترس، وبغال لصاحب البغل، ولا ينقاس شيء من هذين البناءين،
ومثال قيام فاعل مقام فعّال: قولهم حائك في معنى حوّاك؛ لأن الحياكة من الحرف والصنائع، ومثال قيام غيرهما مقامهما، قولهم: رجل طعم ولبس وعمل، بمعنى ذي طعام، وذي لباس، وذي عمل، ومنه قول الراجز:
٤٢٣٠ - لست بليليّ ولكنّي نهر ... لا أدلج اللّيل ولكن أبتكر (٤)
قال المصنف: أراد ولكني نهاري أي عامل في النهار (٥). انتهى. وكذا ما أنشده سيبويه وهو:
٤٢٣١ - حتّى شآها كليل موهنا عمل ... باتت طرابا وبات اللّيل لم ينم (٦)
ومن ذلك قولهم امرأة معطار: أي ذات عطر، وناقة محضير، فمعطار قام مقام -
(١) البيت من شواهد سيبويه (٢/ ٣٨٣) وهو من الطويل، والشاهد فيه قوله: (نبّال) لذي النبل والبيت من قصيدة مشهورة لامرئ القيس، وانظره في: المقتضب (٣/ ١٦٢)، وابن يعيش (٦/ ١٤)، والتصريح (٢/ ٣٣٧)، والأشموني (٢/ ٢٠٠) وديوانه (ص ٢٣). (٢) سورة فصلت من الآية: (٤٦). (٣) شرح الكافية (٤/ ١٩٦٣). (٤) رجز قائله مجهول، وهو من شواهد سيبويه (٢/ ٩١) والإدلاج: سير الليل كله، والشاهد في قوله: (نهر) بزنة فعل مرادا به النسب لا المبالغة. وانظره في: النوادر لأبي زيد (ص ٢٤٩)، والمخصص (٩/ ٥١)، والمقرب (٢/ ٥٥)، والتصريح (٢/ ٣٣٧) والأشموني (٤/ ٢٠١) واللسان (ليل) و (نهر). (٥) شرح الكافية (٤/ ١٩٦٣). (٦) من البسيط قائله ساعدة بن جؤية، والبيت من شواهد سيبويه (١/ ٥٨) وقد استشهد به على أن (فاعلا) قد يعدل به إلى (فعيل) و (فعل) على سبيل المبالغة، والاستشهاد به هنا على أنه قد يستغنى عن ياء النسب بصيغة (فعل) كما في قوله ... موهنا عمل. شآها: ساقها والضمير يعود إلى بقر الوحش، كليل: برق أضعفه بعد المسافة، الموهن: منتصف الليل، عمل: ذي عمل أو دائب العمل. ديوان الهذليين (١/ ١٩٨). وشرح الكافية (٢/ ١٠٣٦) واللسان (عمل شأي) والخزانة (٣/ ٤٥٠).