ومثال الثالث: قراءة عبد الله بن عامر رضي الله تعالى عنه: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (١) بالنصب (٢) على تقدير: فإنما يكون منه كن فيكون من ذلك الأمر وهو نادر لا يكاد يعثر على مثله إلا في ضرورة من الشعر.
فأما قولهم: فإنما هي ضربة من الأسد فيحطم ظهره (٣)، فمن النصب بإضمار «أن» جوازا لعطف مصدر مؤول على مصدر صريح، والمعنى: هي ضربة فحطمة، لا من باب قراءة ابن عامر.
ويختص بالضرورة إضمار «أن» الناصبة بعد الحصر بـ «إلا» كما في قولك:
ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا، وبعد الخبر المثبت الخالي من الشرط كقول الشاعر:
أصل الكلام: وألحق بالحجاز فأستريح، ولكن لما كان الروي مفتوحا اضطر فنصب على تقدير: يكون لحاق فاستراحة، ومثله قول طرفة:
٣٨٩٠ - لنا هضبة لا ينزل الذّلّ وسطها ... ويأوي إليها المستجير فيعصما (٥)
وقول الأعشى:
٣٨٩١ - ثمّت لا تجزونني عند ذاكم ... ولكن سيجزيني الإله فيعقبا (٦)
-
- فتكون مشهورة كنار في رأس جبل، والبيتان من قصيدة طويلة للأعشى هجا فيها عمرو بن المنذر. والشاهد: في «وتدفن» حيث نصب بإضمار «أن» وعلل ذلك الأعلم بقوله: لأن جواب الشرط قبله وإن كان خبرا فإنه لا يقع إلا بوقوع الفعل الأول فضارع غير الواجب. وانظر البيتين في المقتضب (٢/ ٢١)، والأعلم بهامش الكتاب (١/ ٤٤٩) (بولاق) والتذييل (٦/ ٦٦٦)، اللسان «كبب». (١) سورة البقرة: ١١٧. (٢) انظر: الحجة لابن خالويه (ص ٨٨، ٣٠٠)، والكشف (١/ ٢٦٠). (٣) حكاه الكسائي عن العرب برفع «يحطم» ونصبه. انظر: معاني الفراء (٢/ ٤٢٣). (٤) تقدم. (٥) هذا البيت من الطويل وهو لطرفة بن العبد، ديوانه (ص ٤). الشرح: قوله: هضبة: كناية عن عزة قومه ومنعتهم، ويأوي: يلجأ، ويعصم: يمنع. والشاهد فيه: نصب «يعصم» بـ «أن» مضمرة بعد الفاء بعد الخبر المثبت وهو ضرورة. والبيت في الكتاب (٣/ ٤٠) والمقتضب (٢/ ٢٣)، والمحتسب (١/ ١٩٧)، والتذييل (٦/ ٦٧١). (٦) هذا البيت من الطويل وهو للأعشى في ديوانه (ص ٩٠) ورواية الديوان: هنالك لا تجزونني. والمعنى: يقول: لا أبتغي بما أصنع منكم جزاء ولكنما أجري على الله، ويقال: أعقبه الله بطاعته: أي جازاه. -