والذي لاختصار الحكاية: كقولهم: «أمّن» و «أيّه» و «أفّف»(١) و «سوّف»، و «سبّح» و «حمّد» و «هلّل» إذا قال: آمين، ويا أيّها، وأفّ، وسوف، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ومعنى اختصار الحكاية: أن الأصل:
قال: آمين، وقال: يا أيّها، فأغنى عن ذلك صوغ «فعّل».
ولموافقة «تفعّل»: كقولهم: «ولّى» عنه و «تولّى» إذا أعرض عنه، و «بيّن المشي» بمعنى «تبيّن»(٢)، و «فكّر» في الأمر و «تفكّر»(٣) و «يمّم» الشّيء، و «تيمّمه» أي قصده (٤).
والمغني عن «تفعّل»: كقولهم: «أوّنت» الحبلى إذا صار بطنها كـ «الأونين»(٥) و «عجّزت» المرأة إذا صارت عجوزا، ومنه قولهم:«من دخل ظفار حمّر»(٦) أي: صار كالحميريّين في كلامه بلغتهم.
وأما «فعّل» الموافق «فعل»: فك «قدّر» الله، وقدر، و «بشّر» و «بشر»، و «عاض» و «عوّض»(٧)، و «ماز» و «ميّز»(٨) و «زال» و «زيّل».
والمغني عن «فعل»: كـ «جرّب» الشّيء، و «عرّد» في القتال إذا تركه جبنا (٩)، -
(١) قال سيبويه (٤/ ٥٨): «وأفّفت به أي قلت له: أفّ». (٢) انظر اللسان (بين) وأساس البلاغة (١/ ٧٤) (بين). (٣) في اللسان (فكر): «وقد فكر في الشيء وأفكر فيه وتفكّر بمعنى» وانظر الهمع (٢/ ١٦١). (٤) انظر اللسان (أمم) وانظر الهمع (٢/ ١٦١). (٥) أوّن الرّجل وتأوّن: أكل وشرب حتّى صارت خاصرتاه كالأونين، وأوّنت الأتان: أقربت. والتّأوّن: امتلاء البطن. انظر اللسان (أون). (٦) ظفار: قرية باليمن يكون فيها المغرة، وحمّر: تكلّم بالحميريّة. ويقال: معناه صبغ ثوبه بالحمرة لأن بها تعمل المغرة، وظفار مبني على الكسر مثل قطام وحذام، وهو مثل يضرب للرجل يدخل في القوم فيأخذ بزيّهم. انظر مجمع الأمثال (٣/ ٣٢١) واللسان (ظفر) و (حمر) ومن لغة حمير: قلب اللام من «أل» ميما ومنه حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من امبرّ امصيام في امسفر» انظر شرح الشافية (٣/ ٢١٦). (٧) انظر شرح المفصل للرازي (٣/ ٤٢٢) (رسالة) وقال الجوهري في الصحاح (٣/ ١٠٩٣) (عوض) «تقول: عاضني فلان، وأعاضني وعوّضني وعاوضني إذا أعطاك العوض». وانظر اللسان (عوض). (٨) انظر شرح المفصل للرازي (٣/ ٤٢٣) (رسالة) وفي الصحاح (٣/ ٨٩٧) (ميز): «تقول: مزت الشّيء أميزه ميزا: عزلته وفرزته، وكذلك: ميّزته تمييزا» واللسان (ميز) والهمع (٢/ ١٦١). (٩) في اللسان (عرد): «وعرّد الرّجل تعريدا أي: فرّ» وانظر الهمع (٢/ ١٦١).