أو تكرير كان الإضمار واجبا نحو قولك: الأسد الأسد. وقال الله تعالى: ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (١)، وإلّا كان جائزا كقولك: الأسد فيجوز في مثله الإظهار فتقول: احذر الأسد.
ثم أشار المصنف بقوله: ولا يحذف العاطف بعد [إيّا] إلّا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أو مجرور بمن. إلى أنه لا يجوز أن تقول: إيّاك الشّرّ، ولا إيّاك الأسد وإن أجازه بعضهم (٢)، وقد نصّ سيبويه على أن ذلك غير جائز فقال (٣):
لا يجوز رأسك الجدار حتّى تقول: من الجدار أو والجدار. انتهى.
والعلة في ذلك أن قولك: إيّاك الأسد إن كان عن قولك: إيّاك والأسد فلا يجوز حذف حرف العطف (٤)، وإن كان عن قولك: إيّاك [٤/ ٢٢٨] من الأسد أو عن الأسد، فحرف الجر لا يحذف في مثل ذلك (٥).
وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون مراد المصنف بقوله: إلا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أنّ مثل: إيّاك الأسد، جائز، وأنّه يكون المحذور منصوبا بناصب غير الناصب الذي نصب إيّاك بل مراده: أنّه إن ورد مثل ذلك
كان تخريجه على أن يقدّر له ناصب. وكأنه يشير إلى البيت الذي ذكره النحاة وهو قول الشاعر:
فيقال: إن المراء منصوب بفعل مقدّر غير ناصب ما قبله، قال الخليل (٧)
(١) سورة الشمس: ١٣، وهو مثال للعطف. (٢) انظر الهمع (١/ ١٦٩) والأشموني (٣/ ١٨٩). (٣) الكتاب (١/ ٢٧٩). (٤) لأن حذفه أشد من حذف حرف الجر ولم يثبت حذف العاطف إلا نادرا. شرح الرضى (١/ ١٩٨٣). (٥) مذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أنّ» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع، وذهب الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا بشرط تعيّن الحرف ومكان الحذف. وانظر ابن عقيل (٢/ ١٥١) وشرح الكافية للرضى (١/ ١٨٣). (٦) سبق ذكره. (٧) في الكتاب (١/ ٢٧٩) قال سيبويه بعد أن ذكر البيت «إيّاك إيّاك المراء ...» كأنه قال: إيّاك ثم أضمر بعد إياك فعلا آخر فقال: اتّق المراء» وعلى هذا فنسبة هذا الكلام للخليل خطأ من المؤلف لأن هذا كلام سيبويه.