وأما كونها بمعنى «من» فهذا لا يتحقق وإنما [لمّا] كان الأسد في قولنا: إيّاك والأسد محذّرا منه قيل: المعنى: إيّاك من الأسد فهو تفسير معنى لا تفسير إعراب.
وقول المصنف: ولا يكون المحذور ظاهرا ولا ضمير غائب إلّا وهو معطوف.
يشير به إلى أنك تقول: إيّاك والأسد، ونفسك والشّرّ، ورأسك والسّيف ولا تقول (١): إيّاك الأسد.
وشذّ (٢) قولهم: أعور عينك الحجر (٣). أي: والحجر فحذف حرف العطف، ومثال ضمير الغائب قول القائل:
٣٥٤٩ - فلا تصحب أخا الجهل ... وإيّاك وإيّاه (٤)
أي: إيّاك باعد منه وباعده منك (٥).
وقوله: وشذّ إيّاه وإيّا الشّوابّ من وجهين. أما الوجهان اللذان أشار إليهما فهما (٦): تحذير الغائب وإضافة «إيّا» إلى الظاهر (٧)، وجعل الشيخ (٨) أحد الوجهين استعمال إيّاه وهو ضمير غائب دون عطف، وليس الأمر كذلك فإنّ -
(١) قال سيبويه في الكتاب (١/ ٢٧٩): «لا يجوز رأسك الجدار حتى تقول من الجدار أو والجدار». (٢) انظر التذييل جـ ٤ ورقة ٢٤١. (٣) هذا مثل أي: يا أعور احفظ عينك واتّق الحجر، يضرب في التحذير. وانظر المستقصى (١/ ٢٥٥) المثل رقم (١٠٨١). (٤) هذا بيت من الهزج أنشده ابن عبد ربه في العقد الفريد (٢/ ١٥٧) ولم ينسبه وقبله: خرجنا من قرى اصطخر ... إلى العصر فقلناه فمن يسأل عن القصر ... فمبنيّا وجدناه وروايته: فلا تصحب أخا السّوء. واستشهد به: على أن المحذور لا يكون ظاهرا ولا ضمير غائب إلا وهو معطوف. وانظر الارتشاف (١/ ٢٨١) وحاشية الصبان علي الأشموني (٣/ ١٩٢) والهمع (١/ ١٧٠) والدرر (١/ ١٤٥). (٥) الهمع (١/ ١٧٠). (٦) وفيه شذوذ ثالث هو: اجتماع حذف الفعل ولام الأمر والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشّوابّ. وانظر التصريح (٢/ ١٩٤) وحاشية الصبان (٣/ ١٩٢). (٧) الأشموني (٣/ ١٩٢). (٨) التذييل (خ) جـ ٤ ورقة (٢٤١ / ب) والارتشاف (٢/ ٢٨١).