فقال المصنف: يحتمل أن يكون من هذا، وتجعل «المجرّ» موضع «الجر»، أي تجعله اسم مكان، كأنه قال: كأنّ مهبّ الرامسات جارة ذيولها عليه، فحذف العامل، وأبقى العمل، ويحتمل أن يكون المجرّ مصدرا، والتقدير: كأنّ موضع مجرّ الرامسات؛ ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه في الإعراب، وجاء الخبر على وفق المحذوف، والعمل «المجر»؛ لأنه بمعنى «الجرّ».
الأولى: اختلفوا في حذف المصدر المنحلّ، وإبقاء معموله، فأجازه بعضهم، ومنعه البصريون؛ لأنّه موصول، والموصول لا يحذف.
واستدلّ المجيز بقوله تعالى: هل تستطيع ربك (٢)[٣/ ١٧٠] على قراءة الكسائي، التقدير: هل تستطيع سؤال ربك، و (أن ينزل) معمول السؤال المحذوف، ولا يتعلق بـ (يستطيع؛) لأنّ الفعل للغير، ولا يقال: هل يستطيع أن يقوم زيد؛ فهو متعلق بالسؤال المحذوف (٣).
الثانية: ما جاء من المصادر يجوز إعماله، والمراد به التكثير نحو قوله: -
(١) البيت من الوافر، ولم ينسب لقائل معين. اللغة: رفيت: مكسور، كما ذكر في شرح المصنف. والشاهد في البيت قوله: «مجره الأبطال»؛ حيث أعمل «مجره» فنصب «الأبطال». ينظر الشاهد في: شرح المصنف (٣/ ١٢٤)، والتذييل والتكميل (٤/ ٩٧٥)، ومنهج السالك (ص ٣١٦). (٢) سورة المائدة: ١١٢. (٣) في كتاب السبعة لابن مجاهد (ص ٢٤٩): (فقرأ الكسائي وحده: هل تستطيع ربك بالتاء - يعني تاء المضارعة في أول الفعل - ونصب الباء، واللام مدغمة في التاء). وتراجع قراءة الكسائي هذه في النشر لابن الجزري (٣/ ٤٦)، ومعاني القرآن للزجاج (٢/ ٢٤٣)، وفي الحجة لابن خالويه (١٣٥): والحجة لمن قرأ بالنصب أنه أراد: هل تستطيع سؤال ربك، ثم حذف السؤال، وأقام «ربّك» مقامه، كما قال: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ يريد: أهل القرية، ومعناه: سل ربك أن يفعل ذلك؛ فإنه عليه قادر.