المردود إلى فعله؛ قصدا للتوحيد، والدلالة على المرة؛ لأنّه غير عن الصفة التي اشتقّ منها الفعل وعللّ ذلك - في شرح الكافية - بأنّه بالتاء صار بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال فلا يقال: عرفت ضربتك زيدا، ونحو ذلك، قال: فإن روي مثله عمّن يوثق بعربيته حكم بشذوذه، ولم يقس عليه (١)، فمن ذلك ما أنشده الفارسيّ - في التذكرة - (٢) من قول الشاعر:
٢٢٧٨ - يحايي به الجلد الذي هو حازم ... بضربة كفّيه الملا نفس راكب (٣)
فنصب «نفس راكب» بـ «يحابي» ومعناه يحيي، ونصب «الملا» بـ «ضربة كفّيه» ومراد قائل البيت: وصف مسافر معه ماء، فتيمّم، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا ومنه قول كثيّر (٤):
٢٢٧٩ - وأجمع هجرانا لأسماء أن دنت ... بها الدّار لا من زهدة في وصالها (٥)
-
(١) في شرح الكافية لابن مالك (٢/ ١٠١٤، ١٠١٥)، تحقيق د/ هريدي: (ولذا لا يعمل المصدر إذا حد بالتاء؛ لأن دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال، فلا يقال: عجبت من ضربتك زيدا، فإن سمع ذلك قبل ولم يقس عليه) اه. (٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٩٢٣)، والتذكرة من كتب أبي علي الفارسي المفقودة. (٣) البيت من الطويل، وقد نسب لذي الرمة، وهو في ملحقات ديوانه (٣/ ١٨٦٤)، في القسم الرابع المجهول من شعره، تحقيق د/ عبد القدوس أبو صالح، مطبعة طرين بدمشق (١٣٩٢ هـ - ١٩٧٢ م). اللغة: يحايي، بمعنى: يحيي، ومصدره الإحياء، الجلد: القوي، الملا مقصور، وبفتح الميم به: التراب. المعنى: يصف الشاعر مسافرا معه ماء فتيمم، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا، وهكذا فسره المرادي في: توضيح المقاصد والمسالك (٣/ ٧). والشاهد في البيت قوله: «بضربة كفّيه الملا»؛ فإن «ضربة» مصدر محدود، أضيف إلى فاعله، ونصب «الملا» وهو مفعوله، وهذا شاذ، لكنه سمع من موثوق به. ينظر الشاهد أيضا في: العيني: (٣/ ٥٢٧)، والأشموني (٢/ ٢٨٦)، والدرر (٢/ ١٢٢). (٤) هو كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة، والمعروف بكثير عزة، وقد سبقت ترجمة مفصلة له. (٥) البيت من الطويل، وهو في ديوان كثير (ص ٩٢) تحقيق د/ إحسان عباس، ط. بيروت (١٣٩١ هـ - ١٩٧١ م). اللغة: الزهدة: كالزهد، الإعراض عن الشيء لقلة الرغبة فيه. والشاهد هنا في قوله: «من زهدة في وصالها»؛ حيث أعمل المصدر المحدود وهو «زهدة». ينظر الشاهد في: الشعر والشعراء (١/ ٥٢٠)، والتذييل والتكميل (٤/ ٩٢٣).