٢٢٥٩ - وما أنا من زرء وإن جلّ جازع ... ولا بسرور بعد موتك فارح (١)
فلم يقيد ذلك باستقبال ولا غيره، قال المصنف - بعد كلامه المتقدم -: «ومن هذا الردّ - يعني ردّ غير فاعل إلى فاعل - قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (٢)، وعلى هذا المعنى قراءة بعض السلف:
(إنك مائت وإنهم مائتون)(٣) والمعنى - على قراءة الجماعة - إنك وإياهم، وإن كنتم أحياء فأنتم في عداد الموتى؛ لأنّ ما هو كائن فكأنّه قد كان (٤)، وعلى هذا نبّهت بقولي:(ما لم يقدّر الوقوع)(٥)». انتهى.
يعني أنه إذا قصد الاستقبال ردّت إلى صيغة فاعل ما لم يقدر الوقوع فإن الصفة لا تردّ، كما في: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٦)، ثمّ قال (٧): ومن الردّ إلى «فاعل» بقصد الاستقبال قول الحكم بن صخر: -
(١) البيت من الطويل، وقائله: أشجع السلمي، من شعراء العصر العباسي، وقيل: هو لمطيع بن إياس، يرثي يحيى بن زياد، ولعل هذه النسبة أصحّ؛ لأن أشجع السلمي من المولدين الذين لا يحتج بشعرهم. اللغة: الرزء: المصيبة. والمعنى: مصيبتي فيك عظيمة، لست أجزع لما يصيبني بعدها، وإن عظم، ولا أفرح بما أنال من المسرات. اه. والشاهد في قوله: «فارح»؛ حيث ردت الصفة المشبهة «فرح» ردت إلى فاعل، على صيغة اسم الفاعل، واستعملت استعماله؛ لإفادة معنى الحصول في المستقبل. ينظر الشاهد في: العيني (٣/ ٥٧٤)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١٧٢)، والتذييل والتكميل (٤/ ٩٠٧)، منهج السالك (ص ٣٥٠). (٢) سورة هود: ١٢. (٣) سورة الزمر: ٣٠. (٤) في البحر المحيط (٧/ ٤٢٥): وقرأ ابن الزبير، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، وعيسى، واليماني، وابن أبي غوث، وابن أبي عبلة: (إنك مائت وهم مائتون) وهي تشعر بحدوث الصفة. (٥) من شرح المصنف (٣/ ١٠٣). (٦) وهذه قراءة الجمهور، في البحر المحيط (٧/ ٤٢٥): (والجمهور: (ميت) و (ميتون،) وهي تشعر بالثبوت واللزوم) اه. وقال الدماميني في شرحه على التسهيل (٣/ ٣٢): وهذه القراءة، وهي قراءة السبعة، أبلغ من قراءة بعضهم: (إنك مائت وإنهم مائتون) اه. (٧) الكلام الآتي من شرح المصنف (٣/ ١٠٣).