وأيضا لو كانت «أل» عوضا من الضمير هنا لاطرد، فكنت تقول: زيد الغلام حسن، تريد: غلامه، ولا يجوز، فكذلك هنا.
وأما ما ذهب إليه أبو علي، فيما حكاه الفرّاء من قولهم: مررت بامرأة حسن الوجه، وحكى الكوفيون مررت: بامرأة قويم الأنف، برفع الوجه والأنف (١)، ألا ترى أنه لا يجوز أن ينوى في «حسن» ضمير المرأة، والوجه بدل منه؛ لأنّ ذلك يوجب تأنيث الصفة، لتأنيث الضمير، وكذلك: مررت برجل مضروب الأب، لا يجوز رفعه على البدل؛ لأنّه ليس بدل شيء من شيء، ولا بدل بعض من كل؛ إذ ليس إياه، ولا بعضه.
الأمر الخامس: ذكر الشواهد على الصّور الجائزة، وذكر خلاف من خالف في بعضها، والجائز ستّ عشرة صورة، كما تقدم، القويّ منها عشر، كما عرفت، فشاهد «الجميل الوجه» قول الشاعر:
٢٢٣٧ - لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى ... تزجّجها من حالك واكتحالها (٢)
لكنّه زاد مضافا في رواية من رفع، فإنّه يروى بالنصب، والخفض أيضا ومثله دون مضاف:
٢٢٣٨ - كبكر المقاناة البياض بصفرة ... ... (٣)
-
- والشاهد في قوله: «رحيب قطاب الجيب منها»؛ حيث جمع بين «أل» والضمير مما يبطل مذهب الكوفيين. ينظر الشاهد في ديوان طرفة بن العبد (ص ٣٠). (١) في معاني القرآن للفراء (٢/ ٤٠٨) ما نصه: (والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون: مررت على رجل حسنة العين قبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه قبيح أنفه) اهـ. وما حكاه الفراء أيضا في منهج السالك (٢/ ٣٦٢)، والتذييل والتكميل (٤/ ٨٨٠). (٢) البيت من الطويل، ونسبه العيني في المقاصد النحوية على هامش الخزانة ط. بولاق (٣/ ٦١٢) للشاعر المشهور الكميت بن زيد الأسدي. اللغة: أخفية: جمع خفاء، الكرى: النوم، وأراد: الأيقاظ عيونا، وجعل الأعين في اشتمالها على النوم بمنزلة الخفاء في اشتماله على ما ستر به، تزججها: تدفقها. والشاهد فيه: جواز الرفع والنصب والجر في معمول الصفة وهو «أخفية الكرى» والنصب على التشبيه بالمفعول أو على التمييز عند الكوفيين. ينظر الشاهد في: المحتسب لابن جني (٢/ ٤٧)، وسر الصناعة (١/ ٤٣). (٣) البيت من الطويل لامرئ القيس من معلقته، والشاهد: صدر البيت وهو بتمامه: -