ومنها: أنّ تمييز الثلاثة إلى العشرة لا يلزم ذكره مضافا إليه، بل قد يذكر بعد اسم العدد، مجرورا بـ (من) نحو: ثلاثة من الرجال، وقد يذكر تابعا لاسم العدد، نحو: ثلاثة قرشيّون، وقد نصّوا على أنّ الإتباع في نحو: ثلاثة
قرشيّون - يعنون في الصّفة - أحسن من الإضافة.
وقد ذكر ابن عصفور تقسيما، فقال: المعدود إمّا صفة أو جامد، فإن كان جامدا فالأحسن فيه الإضافة، نحو:«ثلاثة رجال»، ثم الفصل بـ (من) نحو: «ثلاثة من الرّجال»، ثم النصب على التمييز، نحو:«ثلاثة رجالا»، وإن كان صفة فالأحسن فيه الإتباع، نحو:«ثلاثة قرشيّون»، ثم يليه النصب على الحال من (ثلاثة) نحو: «ثلاثة قرشيّين»، ثمّ الإضافة، نحو:«ثلاثة قرشيين»، وهذا أضعفها، وسبب ضعفه استعمال الصفة استعمال الأسماء، يعني أن العامل أولها، ولا تستعمل الصفة استعمال الأسماء بقياس (١). انتهى.
وهو كلام مقبول، غير قوله: إنّ المعدود ينصب تمييزا نحو: «ثلاثة رجالا»؛ فإنّ ذلك لا يجوز عند البصريّين، وذكر الشيخ أنّ الفراء يجيزه قياسا (٢).
وقد ذكر سيبويه أنّ نحو:«ثلاثة أثواب»، قد تنوّن في الشّعر وينصب ما بعده (٣) ولم يجزه في الكلام (٤).
وأقول: إذا ورد نحو: «ثلاثة أثوابا» في الشّعر، أمكن أن يجعل (أثوابا) حالا -
(١) هذا الكلام منقول - بتصرف - عن الشرح الكبير، لابن عصفور (٢/ ٣٢) بتحقيق أبو جناح. وينظر: التذييل والتكميل (٤/ ١٦٨) حيث نقله أبو حيان بتصرف - أيضا - ولم يصرح بنسبته إلى ابن عصفور. وقال ابن عقيل - في المساعد (٢/ ٧٠) -: «وقالوا: أي المغاربة - في باب خمسة - إن كان المعدود جامدا فالأحسن فيه الإضافة كـ: ثلاثة أثواب، ثم الفصل بـ (من) ثم النصب على التمييز». اه. (٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ١٦٩). (٣) ينظر: الكتاب (٢/ ١٦١، ١٦٢). (٤) ظاهر كلام سيبويه جواز ذلك في الكلام. ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ١٥٧). والكتاب (١/ ٢٦٠ - ٢٦٦)، حيث قال سيبويه: «... ومثل ذلك في الكلام قوله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً [النساء: ٤]، وقررنا به عينا، وإن شئت قلت: أعينا وأنفسا، كما قلت: ثلاثمائة وثلاث مئين ومئات». اه.