والغرائب (١): مَنْ سَفِهَ في موضع نصب بالاستثناء من فاعل يَرْغَبُ ونَفْسَهُ توكيد للمستثنى، كما يقال:«ما قام أحد إلا زيدا نفسه».
التوجيه الثالث: أن ينصب (رأيه) وما كان مثله بإسقاط حرف الجرّ، كأنه قيل:«غبن في رأيه، ووجع في بطنه، وألم في رأسه»، ثم أسقط حرف الجر، وتعدّى الفعل فنصب.
التوجيه الرابع: أن ينصب (رأيه) وما كان مثله على التشبيه بالمفعول به، ويحمل الفعل اللازم على الفعل المتعدي، كما حملت الصفة اللازمة على الصفة المتعدية، فقالوا:«غبن رأيه، والرأي، ووجع بطنه، والبطن» كما قالوا: «هو حسن وجهه والوجه» ومن ذلك قراءة بعضهم: فإنه آثم قلبه (٢) ومنه قول الشاعر:
١٩٠٦ - وما قومي بثعلبة بن سعد ... ولا بفزارة الشّعر الرّقابا (٣)
إلّا أن النصب على التشبيه بالمفعول به نادر في الأفعال مطرد في الصفات. وإنما كان الأمر كذلك لوجهين:
أحدهما: أنّ الصفة اللازمة تساوي الصفة المتعدية في عمل الجر بالإضافة بعد رفعهما ضميرا، والجرّ أخو النصب وشريكه في الفضلية، فجاز أن يساويها في استبدال النصب بالجر، والفعل بخلاف ذلك.
الثاني: أن المنصوب [٣/ ٩٩] على التشبيه بالمفعول به لو حكم باطراده في الفعل اللازم، كما حكم باطراده في الصفة اللازمة لم يتميز لازم الأفعال من متعديها، بل -
(١) هو أبو القاسم برهان الدين المعروف بتاج القراء إمام كبير ثقة من مؤلفاته: لباب التفسير - الإيجاز في النحو - عجائب القرآن وهو في التفسير (٤٩٢ تفسير، طبعة دار الكتب). (٢) سورة البقرة: ٢٨٣، هي قراءة ابن أبي عبلة وهي بنصب (قلبه) والمعنى جعله آثما وعليه فآثم صفة مشبهة على وزن فاعل انظر القراءة والتوجيه في الكشاف (١/ ٤٠٦) والبحر المحيط (١/ ٣٩٤) ومغني اللبيب (٢/ ٥٧٢). (٣) البيت للحارث بن ظالم المرّي من بني سعد (جاهلي قديم) يمدح قومه. اللغة: الشّعر: جمع أشعر وهو الغزير شعر القفا وهو عيب كانت تعاب به قبيلة فزارة من العرب. والشاهد فيه: نصب «الرقابا» بـ «الشعر» على التشبيه بالمفعول به وقد أعمل الصفة المشبهة المقرونة بـ «أل» والبيت في الكتاب (١/ ٢٠١)، والمقتضب (٤/ ١٦١)، والإنصاف (١/ ٨٤)، وابن الشجري (٢/ ١٤٣).