حال من الهاء والميم، و (ظهورهم) مرفوعة بـ (تجرّح) على أنه مفرّغ وليس كذلك، بل (تجرّح) مسند إلى ضمير الجماعة الموصوفة، وهو صاحب الحال و (ظهورهم) بدل بعض من كل، وهذا توجيه لا تكلف فيه (١).
قال الشيخ: ومما يوجب البقاء على الأصل أن يكون العامل في صاحب الحال فعل تعجب نحو: «ما أحسن هندا متجردة» وفيه خلاف يذكر في باب التعجب (٢).
ومما يوجب الخروج عن الأصل: إضافة صاحب الحال إلى ضمير يعود إلى ما لابس الحال؛ إمّا بإضافة نحو:«جاء زائر هند أخوها». وإما بغير إضافة نحو:
«جاء منقادا لعمرو صاحبه»(٣).
ومنه أيضا عند قوم - وإليه أشار في المتن بقوله: على رأي - اقتران صاحب الحال بـ (إلّا) نحو: «ما قام مسرعا إلا زيد» وأنشد الأخفش:
١٧٨٩ - وليس مجيرا أن أتى الحيّ خائف ... ولا قائلا إلّا هو المتعيّنا (٤)
ثم قال: فإنّ هذا ليس بحسن، وهو كلام يجوز في الشعر، وهو مثل «ما أكل إلّا زيد الخبز، وما ضرب إلّا عمرو زيدا»(٥) لا تريد به: ما أكل الخبز إلا زيد وما ضرب زيدا إلا عمرو، ولكنك تضمر الفعل بعد المستثنى على قبحه، وكذا إذا ورد نحو:«ما قام إلّا زيد مسرعا» أضمر ناصب الحال بعد صاحبها كقول الراجز:
١٧٩٠ - ما راعني إلّا جناح هابطا ... حول البيوت قوطه العلابطا (٦)
أراد: ما راعني إلا جناح راعني هابطا، و (جناح) اسم رجل. -
(١) انتهى كلام المصنف، وينظر: في شرحه (٢/ ٣٣٥ - ٣٣٦). (٢) ينظر: التذييل (٣/ ٧٤١). وفي حكم الفصل بين فعل التعجب ومعموله بالحال مذهبان: الأول: مذهب الجمهور: المنع. الثاني: مذهب الجرمي وهشام: جواز الفصل. قال أبو حيان: والصحيح المنع. ينظر: الارتشاف (٢/ ٣٤٧)، (٣/ ٣٧). (٣) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٣٥)، والتذييل (٣/ ٧٤١). (٤) البيت من الطويل، وينظر: في التذييل (٣/ ٧٤١). (٥) يقصد أنّ حكمه حكم المفعول المحصور فيه الفاعل. ينظر: الارتشاف (٢/ ٣٤٧). (٦) البيت من الرجز، ولم يعرف قائله، وينظر في نوادر أبي زيد (ص ١٧٣)، والخصائص (٢/ ٢١١) وشرح المصنف (٢/ ٣٣٥)، وشرح الكافية الشافية (٢/ ٧٤٢)، والتذييل (٣/ ٧٤٢). والقوط: قطيع الغنم، والعلابط: القطيع الضخم، وأقلها خمسون.