فقد صرح سيبويه بأنها أسماء جعلت مصادر، أي: وضعت موضعها، وتلك المصادر موضوعة موضع الحال، وقد قدّروا (وحده) واقعا موقع إيحاد، وإيحادا واقعا موقع موحد، فإذا قيل:«ضربت زيدا وحده» فهو حال من الفاعل، أي:
مفردا له بالضرب قالوا: وهو مذهب سيبويه (٢). وجوّز المبرد أن تكون حالا من المفعول، أي: ضربته في حال أنّه مفرد بالضرب (٣).
قال ابن عصفور: ومذهب سيبويه أحسن؛ لأنّ وضع المصادر موضع اسم الفاعل أكثر من وضعها موضع المفعول.
قال سيبويه: وزعم الخليل حيث مثّل نصب وحده وخمستهم، أنّه كقولك [٣/ ٦٣]: أفردتهم إفرادا. قال: فهذا تمثيل، ولكنّه لم يستعمل في الكلام (٤).
فمن هنا فهم الناس أنّ مذهب سيبويه أنّه حال من الفاعل ليفسره إياه بـ (أفذذتهم)، أي: أوحدتهم وأفردتهم فأنا موحدهم ومفردهم.
ونقل الشيخ أنّ ابن طلحة ذهب إلى أنه حال من المفعول ليس إلّا. قال: لأنهم إذا أرادوا الفاعل قالوا: مررت به وحدي (٥).
وقد قيل: إنّ (وحده) مصدر موضوع موضع الحال، والقائلون بذلك اختلفوا:
فقيل: مصدر على حذف شيء منه نحو: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (٦). -
(١) البيت من الطويل وهو في ديوان الشماخ (ص ٢٠)، والكتاب (١/ ٣٧٤)، وابن يعيش (٢/ ٦٢) برواية، أتتني سليم ... والرواية المذكورة هنا هي للأعلم بهامش الكتاب (١/ ١٨٨) بولاق، قال: ويروى لمزرد أخي الشماخ، والسّبال: جمع سبلة، وهي مقدم اللحية، قال الأعلم: البيت في وصف جماعة من تميم أتته تشهد عليه في دين لزمه قضاؤه فجعلوا يمسحون لحاهم تأهبا للكلام. كان هذا طبعهم ولا سيّما عند التهديد والوعيد. (٢)، (٣) ينظر: الارتشاف (٢/ ٣٣٩). (٤) الكتاب (١/ ٣٧٤). (٥) ينظر: التذييل (٣/ ٧١٥)، والارتشاف (٢/ ٣٣٩). (٦) سورة نوح: ١٧.