وقد التزم سيبويه فعليّة (عدا) وحرفية (حاش) وأمّا (خلا) فغلب فعليتها على حرفيتها، قال: وما جاء من الأفعال فيه معنى (إلّا) فـ (ليس) و (لا يكون) و (عدا) و (خلا) وما فيه ذلك المعنى من حروف الإضافة، وليس باسم كـ (حاش) و (خلا) في بعض اللغات (١) هذا نصّه، وقال - في آخر أبواب الاستثناء -: وبعض العرب يقول: ما أتاني القوم خلا عبد الله، فجعل (خلا) بمنزلة (حاش)(٢). انتهى.
قال المصنف (٣): وكون (حاشا) حرفا جارّا هو المشهور ولذلك لم يتعرض سيبويه لفعليتها، أو النصب بها، إلّا أنّ ذلك ثابت بالنّقل الصحيح، عمّن يوثق بعربيته، فمن ذلك قول بعضهم:«اللهمّ اغفر لي ولمن يسمع، حاشا الشيطان، وأبا الإصبع»(٤) رواه أبو عمرو الشيباني (٥) وغيره. وأنشد ابن خروف - في شرح الكتاب - قول الشاعر:
١٧٣٥ - حاشا قريشا، فإنّ الله فضّلهم ... على البريّة بالإسلام والدّين (٦)
وقال الفرّاء: إذا استثنيت بـ (ما عدا) و (ما خلا) ضمير المتكلم قلت:
ما عداني وما خلاني، ومن نصب بـ (حاش) قال: حاشاني ومن خفض قال: -
(١) الكتاب (٢/ ٣٤٧)، والمساعد لابن عقيل (١/ ٥٨٤). (٢) الكتاب (٢/ ٣٤٩، ٣٥٠). (٣) شرح المصنف (٢/ ٣٠٦). (٤) قال ابن السراج في الأصول (١/ ٣٥١): «وحكى أبو عثمان المازني عن أبي زيد قال: سمعت أعرابيّا يقول: اللهم اغفر لي ولمن يسمع، حاشا الشيطان، وأبا الإصبع». وفي شرح ابن يعيش (٢/ ٨٥): وابن الإصبع وكذا في شرح الكافية للرضي وعلى هذه الرواية لا يظهر المقصود بالعطف وهو النصب بالألف. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص ١٢٣)، والتوطئة للشلوبين (ص ٢٧٩) طبعة: دار التراث، ومغني اللبيب (١/ ١٢٢)، تعليق الشيخ محيي الدين. (٥) هو إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي المتوفى سنة (٢٠٦ هـ). (٦) البيت من الطويل وهو للفرزدق في ديوانه (ص ٢٦٦)، برواية: إلا قريشا فإن الله فضلها ... على البرية بالإسلام والخير ولا شاهد في هذه الرواية. ينظر: العيني (٣/ ١٣٧)، والهمع (١/ ٣٣٣)، والدرر (١/ ١٩٦)، والأشموني (٢/ ١٦٥).