منه إلا قليل منهم (١) لأنّ قبله فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي (٢)؛ فلذلك صار فَشَرِبُوا مِنْهُ بمعنى: لم يتركوه [٣/ ٣٤] فلم يكونوا منه (٣) ومنه أيضا ما أنشده الأخفش:
١٦٨٥ - لدم ضائع تغيّب عنه ... أقربوه إلا الصبا والجنوب (٤)
وكذلك قول الآخر:
١٦٨٦ - وبالصّريمة منهم منزل خلق ... عاف تغيّر، إلّا النؤي والوتد (٥)
لأنّ (تغيّب) بمعنى: لم يحضر، (وتغير) بمعنى: لم يبق على حاله (٦).
ونقل الشيخ في إعراب: قليل منهم أن يكون مبتدأ، والخبر محذوفا وهو رأي الفراء (٧) وأن يكون إلا قليل صفة للضّمير في: شربوا (٨) على رأي من يجوّزه (٩)، وهو ابن عصفور، وأن يكون إلا قليل بدلا من الضمير، -
(١) و (٢) سورة البقرة: ٢٤٩. (٣) فلم يصاحبوه، ينظر: تفسير ابن كثير طبعة الحلبي، (١/ ٣٠٢)، والبحر المحيط (٢/ ٢٦٦) وفيه بسط الآراء في الإعراب. (٤) البيت من الخفيف قاله أبو زبيد الطائي، والصبا: ريح مهبها مطلع الشمس، إذا استوى الليل والنهار. والجنوب: الريح المقابلة للشمال. والشاهد: جواز الإبدال بالرفع - لاعتبار معنى النفي، مع التمام. ينظر الهمع (١/ ٢٢٩)، والدرر (١/ ١٩٤). (٥) البيت من بحر البسيط وهو للأخطل الثعلبي، والصريمة: كل رملة انصرمت من معظم الرمل، والمراد بها - هنا - مكان معين، والخلق: البالي، عاف: بمعنى دارس، النؤي: حفرة تكون حول الخباء لئلا يدخله المطر، والشاهد فيه: كالذي قبله. ينظر العيني (٣/ ٢٠٣)، والتصريح (٣/ ٣٤٩)، وشرح الأشموني (٢/ ١٤٤). (٦) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٨١). (٧) ينظر: البحر المحيط (٢/ ٢٦٥، ٢٦٦)، ومعاني الفراء (١/ ٢٦٦)، وفي التذييل والتكميل (٣/ ٥٣٤): «وزعم الفراء وتبعه ابن خروف أن ارتفاع إِلَّا قَلِيلٌ على الابتداء والخبر محذوف. التقدير: لكن قليل منهم لم يشربوا منه ... وهذا الذي ذهبا إليه ضعيف؛ لأنه لا دليل على الخبر لأن (شربوا) لا يدل على أن غيرهم لم يشربوا ...». اه. (٨) أي: واو الجماعة. (٩) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٢٠٣)، والاستغناء في أحكام الاستثناء (٣٤٣)، حيث نسب هذا الرأي لآخرين غير ابن عصفور، وفي التذييل والتكميل (٣/ ٥٣٥): «وزعم ابن عصفور أن قوله: إلا قليل صفة للضمير في فَشَرِبُوا وأن الوصف بـ (إلا) يخالف جميع الأوصاف فيكون -