أرى لهذا العقد مبطلا إلا فعل كذا فهذا استثناء منقطع بجملة. وجعل ابن خروف من هذا القبيل (١) قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ (٢) على أن يكون مَنْ (٣) مبتدأ، و (يعذبه الله) خبرا وجعل الفراء من هذا قراءة بعض السّلف (٤): فشربوا منه إلا قليل منهم (٥). على تقدير: إلّا قليل منهم لم يشربوا (٦).
وقال المصنّف (٧): ومن هذا النوع (٨) قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصّالحين من النّساء إلا المزوّجون أولئك المطهّرون المبرؤون من الخنا»(٩).
ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن كثير وأبي عمرو: إلا امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم (١٠) فهي مبتدأ وما بعدها الخبر. وبهذا التوجيه يكون الاستثناء في النّصب والرفع من: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ (١١) وهو أولى من أن يستثنى المنصوب من (أهلك) والمرفوع من (أحد.)
ومنها:(إن لفلان مالا إلا أنه شقيّ) و (ما زاد إلا ما نقص) و (ما نفع إلا ما ضرّ) و (لا تكوننّ من فلان في شيء، إلا سلاما بسلام) وهي من أمثلة سيبويه (١٢) ومن أمثلة غيره: جاء الصالحون إلا الطالحين، وجاء زيد إلا عمرا، وما في الأرض أخبث منه إلا أباه، فالمستثنى في هذه الأمثلة مخرج تقديرا فكأنك قلت: عدم -
(١) كون (إلا) بمعنى (لكن). (٢) سورة الغاشية: ٢٢، ٢٣، ٢٤. (٣) ينظر الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٤٩٣، ٤٩٤). (٤) ينظر: البحر المحيط: (٢/ ٢٦٥، ٢٦٧). (٥) سورة البقرة: ٢٤٩. (٦) أي على تقدير (إلا) بمعنى (لكن) وما بعدها مبتدأ وخبر. (٧) شرح المصنف (٢/ ٢٦٦) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد، ود/ محمد بدوي المختون. (٨) كون (إلا) بمعنى (لكن) وما بعدها مبتدأ وخبر. (٩) أخرجه أحمد بن حنبل (٥/ ١٦٤) والخنا: الفحش والمعنى: لكن المزوجون هم المطهرون. (١٠) سورة هود: ٨١، وهي قراءة الأعمش وابن مسعود وغيرهما. (١١) سورة هود: ٨١، فـ (امرأتك) بالرفع بدل من (أحد) بدل بعض من كل ولم يصرح معه بضمير؛ لأن قوة تعلق المستثنى بالمستثنى منه يغني عن الضمير غالبا. ينظر: شرح التصريح على التوضيح (٢/ ٣٥٠)، والاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٤٧٥، ٤١٦، ٦٧٣). (١٢) ينظر: الكتاب (٢/ ٣١٩، ٣٢٦)، ولتوضيح التوجيه الصحيح لهذه الأمثلة ينظر: الأصول في النحو لابن السراج (١/ ٢٩١).