أي: ما تنفكّ مناخة، و (إلّا) زائدة، كلّ هذا قول ابن جنّي فـ (إلا) - في هذه المواضع - غير مخرجة شيئا. انتهى.
وهذا الاحتراز الذي أشار إليه مستغنى عنه؛ إذ لا إخراج في شيء من ذلك، إلا في التي بمعنى (غير) وقد قال - في شرح الكافية -: ولا حاجة للاحتراز من (إلّا) التي أصلها (إن لا)(٢)، كقوله تعالى: إِلَّا تَفْعَلُوهُ (٣) ولا من التي بمعنى (غير) كقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (٤)؛ لأن السابق إلى ذهن السامع - على ذكر (إلّا) - معنى الاستثناء، فأغنى ذلك عن الاحتراز، ولا سيّما، وقد تقدّم ذكر (تخرج).
قال الشّيخ: أما احترازه من (إلا) بمعنى (غير) فكان ينبغي أن يقيّد (غير) بالصّفة؛ لأنّ (غير) يكون استثناء ويكون صفة (٥). وأمّا قوله: والّتي بمعنى الواو فلا تكون (إلّا) كذلك في مذهب المحققين (٦)، والذي [٣/ ٢٧] استدلّ به مؤول بالاستثناء المنقطع. وأما قوله: والتي بمعنى (إن لم) فليست توجد (إلا) البسيطة التركيب بمعنى (إن لم)، بحال، والتي في الآية الكريمة إِلَّا تَفْعَلُوهُ هي (إن الشرطية)، و (لا النافية)(٧)، ولم يتركّبا، بل كلّ منهما باق على موضوعه، وأما -
(١) هذا صدر بيت من الطويل، عجزه: ... ... على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا اللغة: حراجيج جمع حرجوج، وهي الناقة الضامرة، أو الطويلة، الخسف: النقصان. والشاهد فيه - هنا -: زيادة (إلا) لأن (تنفك) نفيها إيجاب. ينظر: ديوان ذي الرمة (ص ١٧٣) طبعة دمشق، ومعاني القرآن للفراء (٣/ ١٢٨١)، والمحتسب لابن جني (١/ ٣٢٩)، وشرح المفصل لابن يعيش (٧/ ١٠٦). (٢) ينظر شرح الكافية، لابن مالك (٢/ ٧٠٠) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي. مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى. (٣) سورة الأنفال: ٧٣. (٤) سورة الأنبياء: ٢٢. (٥) مثال الأول: حضر الطلاب غير محمد، ومثال الثاني: حضر رجل غير محمد. (٦) يقصد البصريين، حيث يمنعون مجيء (إلّا) بمعنى الواو، والذي ذهب إليه ابن مالك من كونها تجيء بهذا المعنى هو مذهب الكوفيين، ينظر الإنصاف (ص ١٥٥ - ١٥٨). (٧) ومثل ذلك قوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ [التوبة: ٤٠]، وقوله تعالى: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ ... [التوبة: ٣٩].