وأطلقت لم تنبيها على أنها صارفة إلى المضي أبدا ولو لم يكن الفعل مجزوما بعدها، كقول الشاعر:
٣٤ - لولا فوارس من ذهل وأسرتهم ... يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (١)
فرفع الفعل بعدها وهي لغة لقوم» (٢) انتهى.
قال الشيخ:«لا يحتاج إلى تقييد لمّا بالجازمة؛ لأنّها لا تدخل على المضارع إلّا وهي جازمة. ولو كانت تدخل عليه جازمة وغير جازمة ولا تصرفه إلى المضي إلا الجازمة - لاحتيج إلى ذلك التقييد، وأما أن يحترز بذلك من دخولها على الفعل الماضي فلا يصح؛ إذ التقييد إنما يكون في شيء مشترك» انتهى (٣).
والجواب: أن المصنف لم يحترز بذلك من شيء؛ بل نبه على أن لما جازمة وغير جازمة، وأن المضارع يختص بالجازمة دون غيرها. ويشعر بذلك قوله:
وقيدتها بالجازمة؛ لأنها إذا لم تكن جازمة لا يليها فعل ماض؛ ولم يقل احترازا من كذا وكذا.
ومنها: لو الشرطية: واعلم أن لو قسمان:
مصدرية: ويتخلص المضارع بها للاستقبال، كما تقدم.
وشرطية: وهي نوعان: شرط في المستقبل، فتكون إذ ذاك بمعنى إن كقوله تعالى:
(١) البيت من بحر البسيط وهو في معجم الشواهد (ص ١٨٢) في مراجع كثيرة ولم ينسب لقائل. اللغة: فوارس: جمع فارس على غير قياس. ذهل: حي من بكر ويروى مكانه نعم وقيس. وأسرتهم: يروى مكانه وإخوتهم وفيه الجر عطفا على المجرور قبله والرفع عطفا على فوارس. الصليفاء: أرض صلبة. كان فيها قتال بين هوازن وقيس وهو من أيام العرب. لم يوفون: من الوفاء وفيه الشاهد، قال ابن يعيش (شرح المفصل ٧/ ٩): هو شاذ لرفع الفعل بعد لم وسبيله عندنا على تشبيه لم بلا، ومثله قول الآخر: أن تهبطين بلاد قو ... م يرتعون من الطّلاح فهذا على تشبيه أن بما المصدرية وهو طريق الكوفيين. وأما البصريون فيحملونه وأشباهه على أنها المخففة من الثقيلة. وانظر الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٢٨) ولأبي حيان (١/ ١٠٤). (٢) انظر: شرح التسهيل (١/ ٢٨). (٣) انظر: التذييل والتكميل (١/ ١٠٤). (٤) سورة النساء: ٩.