١٣٤٥ - فإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها ... إلى الضّيف يجرح من عراقيبها نصلي (١)
وكتضمين أصلح معنى لطّف في قولك: أصلح الله نفسك وأهلك، ولو لم يضمن معنى لطف لقيل: صلح الله نفسك وأهلك، ومنه - والله أعلم - قوله تعالى:
وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (٢)، والثاني كقولك: فلان يعطي ويمنع، ويصل ويقطع؛ فإن حذف المفعول في هذا وأمثاله مبالغة يشعر بكمال الاقتدار، وتحكيم الاختيار، ومنه - والله أعلم - قوله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ * (٣).
والثالث: مرتب على الأسباب الداعية إلى حذف الفاعل، وإقامة غيره مقامه، فمن ذلك [٢/ ٣٣٣] الإيجاز كقوله: وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا (٤)، ومن ذلك مشاكلة المجاور، كقوله تعالى: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٥)، ومن ذلك إصلاح النظم، كقول الشاعر (٦):
أراد خالد يحمده ساداتنا؛ فحذف الهاء ليستقيم الوزن، ومن ذلك حذف المفعول لكونه معلوما، وهو كثير، كقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا (٨)، وكقوله تعالى: وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ (٩)، وكقوله تعالى: فَمَنِ -
(١) البيت من الطويل، وهو لذي الرمة، وهو في شرح التسهيل للمصنف (٩٢ / ب)، والكشاف (٢/ ٤٥٠)، (٣/ ١٠)، (٤/ ٢٣٩)، وابن يعيش (٢/ ٣٩)، والمغني (٢/ ٥٢١)، والارتشاف (ص ٦٠١)، والتذييل (٣/ ١٠٦)، وتعليق الفرائد (١٤٣٧)، والخزانة (١/ ٢٨٤)، وديوانه (ص ٤٩٠). والشاهد قوله: «يجرح من عراقيبها»؛ حيث ضمن «يجرح» معنى يفسد أو يعبث، ويروى البيت برواية «يخرج في عواقبها» مكان «يجرح من عراقيبها». اللغة: المحل: الجدب والشدة. (٢) سورة الأحقاف: ١٥. (٣) سورة التوبة: ١١٦، سورة الحديد: ٢. (٤) سورة التغابن: ١٦. (٥) سورة النجم: ٤٢، ٤٣. (٦) هو الأسود بن يعفر بن عبد الأسود. (٧) البيت من السريع، وهو في: المقرب (١/ ٨٤)، وشرح التسهيل للمصنف (٢/ ١٦٢)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٨٢)، والتذييل (٣/ ١٠٧)، والارتشاف (ص ٦٠٢، ١١٥١)، والبحر المحيط (١/ ٣٥٤)، (٨/ ٢١٩)، والمغني (٢/ ٦١١). والشاهد قوله: «يحمد ساداتنا»؛ حيث حذف المفعول به لإصلاح النظم، والتقدير: يحمده. (٨) سورة البقرة: ٢٤. (٩) سورة البقرة: ٢٨٢.