في باب كان، وأما أخذته بدرهم فصاعدا، وبدرهم فزائدا؛ فقد ذكره في الحال أيضا، وعلى هذا فجملة الأبواب التي يجب فيها حذف الناصب ثمانية وهي:
النداء، والاختصاص، والاشتغال، والتحذير، والإغراء، وما ألحق بهما، والصفات المقطوعة، والمفعول المطلق وهو أقسام، والحال.
٣ - ومنها: أنه قد تقدم أن الأصح من المذاهب الثلاثة في المسألة المذكورة في قوله تعالى: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (١) أن خيرا منصوب على أنه مفعول به بفعل مقدر، والتقدير: انتهوا أو ائتوا خيرا لكم؛ وأنه مذهب الخليل وسيبويه (٢)، واستدل الأئمة لصحته بأنك إذا قلت: انته خيرا لك، فنهيته؛ علم أنك تأمره بما هو خير، فكأنك قلت: وائت خيرا، قالوا: وإنما علم ذلك من النهي؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده، قالوا: ويدل على بطلان مذهبي الكسائي والفراء في هذه المسألة قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (٣)؛ لأنه لو حمل على ما قالا، لا يكون خيرا؛ لأن من انتهى من التثليث وكان معطلا؛ لا يكون خيرا له.
وفي قول سيبويه: وائت خيرا؛ يكون أمرا بالتوحيد الذي هو خير (٤)، واعلم أن حسبك من قولهم: حسبك خيرا لك، إما مبتدأ محذوف الخبر، أو خبر مبتدأ محذوف، التقدير: حسبك الذي فعلت، أو: الذي فعلت حسبك، و «خيرا» مفعول بفعل محذوف، التقدير: وائت خيرا، لأن حسبك معناه كف، ولما أمره بالكف علم أنه محمول على غيره، فقال: خيرا لك، أي: وائت خيرا لك كما ذكر في انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ سواء، وأما ورائك أوسع لك، فوراءك اسم فعل معناه تأخر [٢/ ٣٣٢] وضده أمامك بمعنى تقدم، «وأوسع» منصوب بإضمار فعل، التقدير: خذ مكانا أوسع لك،
أو: ائت مكانا أوسع؛ لأنه لما نهاه عن التقدم بقوله: وراءك؛ علم أنه يأمره بإتيان ما هو أوسع له (٥).
٤ - ومنها: أن الشيخ قال في قول المصنف: (فيلزم حذف ثاني الجزأين): لو -
(١) سورة النساء: ١٧١. (٢) ينظر: الكتاب (١/ ٢٨٢، ٢٨٣). (٣) سورة النساء: ١٧١. (٤) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٩٩). (٥) ينظر: الكتاب (١/ ٢٨٢، ٢٨٣)، والمقرب (١/ ٢٥٤).