الأوّل: أن يجاب به استفهام بمفعول ما يليه، أو بمضاف إليه مفعول ما يليه؛ فالأول كقولك: زيدا ضربته؛ في جواب من قال: أيّهم ضربت؟، أو: من ضربت؟، والثاني: كقولك: ثوب زيد لبسته؛ في جواب من قال: ثوب أيّهم لبست؟ (١)، فلو كان الاسم المستفهم غير مفعول نحو: أيّهم ضربته؟ فالجواب: زيد ضربته؛ بالرفع عند سبيويه، ولا يجيز النصب إلا على حد: زيدا ضربته؛ غير جواب (٢)، ونقل الشيخ:
أن الأخفش يجوز النصب على حد ما يجوز في العطف في الجملة ذات الوجهين (٣).
واعلم أنهم أجروا ما ليس جوابا لاسم استفهام مجرى ما هو جواب له، فإذا قيل: هل رأيت زيدا؟ قيل: لا، ولكن عبد الله لقيته؛ قالوا: فهذا في حكم الجواب، وإن لم يكن هو المسئول عنه؛ لكنه لما كان جوابا في الجملة جرى مجرى الأول، وكذا لو عطفت فقلت: لا، بل عمرو لقيته، أو نعم، عمرا لقيته (٤).
ولم يظهر لي تقييد قوله: استفهام بمفعول، بقوله: ما يليه، ولا عرفت ما فائدته، ولا عن أي شيء احترز به، ويظهر أنه لو اقتصر على قوله: استفهام بمفعول كان كافيا، فإن ذلك يخرج الاستفهام بغير مفعول، كالاستفهام بمبتدأ كما تقدم.
الثاني: أن يلي الاسم السابق فعل ذو طلب، وهو فعل: أمر، أو نهي، أو دعاء؛ كقولك: زيدا ذره، وعمرا لا تقربه، وذنوبنا اللهمّ اغفرها، وكذا إذا كان الأمر لغير مخاطب نحو: زيدا ليضربه عمرو، فإن لام الأمر ليست من حروف الصدر، فجائز لما بعدها أن يفسر عاملا فيما قبلها، ولو كان الأمر بصيغة الخبر كان الحكم كذلك نحو: الأولاد يرضعهن الوالدات، وكذا: زيدا رحمه الله، وزيدا يعذبه الله (٥).
(١) ينظر: شرح الألفية للمرادي (٢/ ٤٣). (٢) ينظر: الكتاب (١/ ٩٣). (٣) ينظر: التذييل (٣/ ٢٢) وقد رد ابن عصفور ما جوزه الأخفش في هذه المسألة فقال: «وهذا الذي ذهب إليه أبو الحسن ليس بشيء؛ لأن القياس يرد عليه؛ لأن الاستفهام لا يتقدمه أداة تشبه الجزاء كما كان كذلك في: أزيدا ضربته؟» اه. شرح الجمل (١/ ٣٦٩). (٤) ينظر: التصريح (١/ ٣٠٣) ففيه تفصيل لهذه المسألة. (٥) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٦٤)، والتوطئة (ص ١٨٣، ١٨٤)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٩٢) وأوضح المسالك (١/ ١٥٠)، وابن يعيش (٢/ ٣٧). (٦) سورة النور: ٢. (٧) سورة المائدة: ٣٨.