وبعض النحويين يحمل ما ورد من هذا على التأويل بمذكر، فيتأول «أرض» بمكان و «الحوادث» بالحدثان.
وقيدت الضمير بالاتصال احترازا من نحو: ما قام إلا أنت، فإن لحاق التاء في هذا ضعيف (١)، وقيدت الظاهر [٢/ ٢٣٣] الحقيقي التأنيث بالاتصال تنبيها على نحو قول الشاعر:
١٢١٤ - إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة ... بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (٢)
وليس مخصوصا بالشعر، فإن سيبويه حكى: حضر القاضي امرأة، وقال:«إذا طال الكلام كان الحذف أجمل»(٣).
ونبهت بقولي: غير مكسّر، على أن حكم التاء في جمع التصحيح المؤنث كحكمها في مفرده ومثناه؛ فلا يقال: قام الهندات، إلّا على لغة من يقول: قال فلانة؛ لأن لفظ الواحد في جمع التصحيح على الحال التي كان عليها في الإفراد والتثنية، فيتنزل قولك: قامت الهندات منزلة قولك: قامت هند، وهند، وهند، هذا هو الصحيح، وعلى هذا لا يجوز: قامت الزيدون؛ لأنه بمنزلة: قام زيد وزيد وزيد (٤)، ولا يستباح: قامت الزيدون بقول الشاعر: -
- والتصريح (١/ ٢٧٨)، والأشموني (٢/ ٥٣)، وديوانه (ص ١٢٠)، والعيني (٢/ ٤٦٦)، (٤/ ٣٢٧) والشاهد قوله: «فإن الحوادث أودى بها»؛ حيث لم يلحق الفعل تاء التأنيث مع أنه مسند لضمير المؤنث وهي ضرورة، وقد روي البيت برواية: فإما تري لمتي بدلت ... فإن الحوادث أودى بها (١) في شرح الألفيه للمرادي (٢/ ٩): «فإن كان منفصلا نحو: ما قام إلا أنت، ضعف إثبات التاء». اه. (٢) البيت من البسيط لقائل مجهول وهو في الخصائص (٢/ ٤١٤)، والإنصاف (١/ ١٧٤)، وابن يعيش (٥/ ٥٣)، والعيني (٢/ ٤٧٦)، وشذور الذهب (ص ٢٢٣)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٨٦)، والهمع (٢/ ١٧١)، والدرر (١/ ٢٢٥)، والأشموني (٢/ ٥٢). والشاهد قوله: «غره منكن واحدة»؛ حيث أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولم يؤنث؛ لوجود الفاصل بين هذا الفعل وفاعله بقوله: «منكن». (٣) الكتاب (٢/ ٣٨). (٤) في التوطئة للشلوبين (ص ٩٣): «والجمع السالم حكمه حكم المفرد والمثنى في مذهب المحققين، نحو: قامت الهندات، وكذلك: قام الزيدون، ولا تقول: قامت الزيدون ولا قام الهندات، ولا يعترض بنحو قوله: قالت بنو عامر ... البيت لأنه ألحق بالقبائل» اه. وينظر: شرح الألفية للمرادي (٣/ ١٤).