قال ابن عصفور: وإنما حسن ذلك كون الاسم الذي بعد حرف الجر مبنيّا فلم [٢/ ٢١٥] يظهر القبح، قال: وأقبح من ذلك قول الآخر:
١١٧٢ - تنادوا بالرّحيل غدا ... وفي ترحالهم نفسي (١)(٢)
ومنها: أنك إذا حكيت جملة معربة جاز لك أن تحكيها على لفظها وإن شئت على معناها فإذا حكيت قول القائل: زيد قائم، قلت: قال عمرو زيد قائم، وإن شئت قلت: قال عمرو زيد وإن حكيت جملة ملحونة حكيتها على المعنى فتقول إذا حكيت قام زيد بخفض «زيد»: قال عمرو قام زيد لكنه خفض زيدا (٣).
ومنها: أنك إذا حكيت كلام متكلم عن نفسه نحو: انطلقت، فلك أن تحكيه بلفظه من غير تغيير فتقول: قال فلان انطلقت ويجوز أن تقول: قال فلان انطلق أو إنه انطلق أو هو منطلق كل هذا جائز (٤).
ومنها: أن الكوفيين زعموا أن الأمر من القول للمخاطب يجري مجرى الظن في غير لغة بني سليم كما يجري المضارع منه مجرى الظن إذا اجتمعت الشروط التي تكون في المضارع (٥) وأنشدوا:
١١٧٣ - إنّ سلمى من تنازع ليّه ... ومن ينازعها فقله قد خلج (٦)
-
(١) البيت من الوافر لقائل مجهول في المحتسب (٢/ ٢٣٥)، ودرة الغواص (ص ٢٣٩)، والمقرب (١/ ٢٩٣)، والخزانة (٤/ ٢٣)، وشرح الرضي على الكافية (٢/ ٢٨٩). والشاهد قوله: (تنادوا بالرحيل غدا) حيث قد دخل حرف الجر على الجملة المحكية ضرورة وجملة (الرحيل غدا) محكية بتنادوا عند الكوفيين أما عند البصريين فهي محكية بقول محذوف أي تنادوا بقولهم: الرحيل غدا. وقد ذكر ابن جني في المحتسب (٢/ ٢٣٥) أن قوله (الرحيل) يجوز فيه الرفع والنصب والجر يقول: أجاز لي فيه أبو علي بحلب سنة سبع وأربعين، ثلاثة أضرب من الإعراب بالرحيل والرحيل والرحيل: رفعا ونصبا وجرا فمن رفع أو نصب فقدر في الخطابة اللفظ القول البته فكأنهم قالوا: الرحيل غدا والرحيل غدا. فأما الجر فعلى إعمال الباء فيه وهو معنى ما قالوه. اه. (٢) المقرب (١/ ٢٩٣). (٣) ينظر المقرب (١/ ٢٩٣)، والهمع (١/ ١٥٦)، وحاشية الصبان (٢/ ٣٨ - ٣٩)، وحاشية الخضري (١/ ١٥٥). (٤) ينظر شرح الكافية للرضي (٢/ ٢٨٨)، وحاشية الخضري (١/ ١٥٥). (٥) ينظر التصريح (١/ ٢٦٢)، وحاشية الصبان (٢/ ٣٦). (٦) لم يعلم للبيت قائل وهو في التذييل (٢/ ١٠٤٧)، والهمع (١/ ١٥٧). -