إعمالها لعدم تغير حالها وحال مصحوبها، وجواز إلغائها لشبهها بالمكررة مع المعرفة فلجواز الوجهين مع التكرير شرطت انتفاءه في وجوب العمل، فقلت: إذا لم تكرر «لا» وقصد خلوص العموم باسم نكرة يليها، فعلم بهذا أنها لا تعمل في معرفة (١)، ولا في منفصل (٢)، واحترزت بقولي:(غير معمول لغيرها) من نحو قوله تعالى:
لا مَرْحَباً بِهِمْ (٣)(٤) ثم أشرت إلى أن اسمها ينقسم إلى مفرد وإلى مضاف وإلى مشبه به، وخصصت المفرد بالتركيب والبناء فعلم بذلك أن الآخرين منصوبان نصبا صريحا، نحو: لا صاحب برّ مذموم، ولا راغبا في الشر محمود (٥)، وتناول قولي:
«بني على ما كان ينصب به» المبني على فتحة (٦) نحو: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ [الصافات: ٣٥]، [وقوله تعالى]: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ (٧) والمبني على «ياء» مفتوح ما قبلها كقول الشاعر:
١٠٤٣ - تعزّ فلا إلفين بالعيش متّعا ... ولكن لورّاد المنون تتابع (٨)
-
(١) ينظر الكتاب (٢/ ٢٧٥، ٢٨٦)، وقد حمل فيه سيبويه عمل «لا» على «ربّ»، ورب لا تعمل إلا في نكرة، وينظر أيضا الكتاب (١/ ٤٢٧)، ورصف المباني (ص ٢٦١)، وشرح الرضي على الكافية (١/ ٢٥٥). (٢) ينظر الكتاب (٢/ ٢٩٨)، والمقرب (١/ ١٩٠)، ففيهما أن «لا»: إذا فصل بينها وبين ما تعمل فيه بطل عملها وقد جاء في التصريح أن أبا عثمان المازني يخالف اجماع النحاة في هذه المسألة. يقول صاحبه: (وأن تكون النكرة متصلة بها) خلافا لأبي عثمان، فإنه أجاز أن تعمل مع فصلها، ولكنه لا يبنى وقد جاء في السعة: لا منها بدّ بالبناء مع الفصل وليس مما يعول عليه. اه. شرح التصريح (١/ ٢٣٦). (٣) سورة ص: ٥٩. (٤) احترز المصنف بهذه الآية، لأن قوله (مرحبا) معمول لغير «لا»، فهو إما منصوب على المصدرية أو على أنه مفعول به. يقول أبو البقاء في إملاء ما منّ به الرحمن (٢/ ٢١٢): «لا مرحبا، فمرحبا منصوب على المصدر أو على المفعول به، أي لا يسمعون مرحبا». اه. وينظر أيضا الكشاف (٢/ ٢٨٨)، وروح المعاني للألوسي (٧/ ٣٦٨)، والمقرب (١/ ١٩٠ - ١٩١). (٥) ينظر مغني اللبيب (١/ ٢٣٧)، والهمع (١/ ١٤٥)، والمطالع السعيدة (٢٣٥). (٦) أي المفرد الدال على واحد. (٧) سورة التوبة: ١٢. (٨) البيت من الطويل مجهول القائل، وهو في التذييل (٢/ ٨٤٤)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٧١)، وشرح شذور الذهب (ص ١١٨)، والهمع (١/ ١٤٦)، والدرر (١/ ١٢٦)، والأشموني (٢/ ٧)، والتصريح (١/ ٢٣٩)، والعيني (٢/ ٣٣٣)، وأوضح المسالك (١/ ١٠٤)، والشاهد قوله: (فلا إلفين) حيث بنى اسم «لا» على ما كان به وهو الياء لأنه مثنى.