«اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»(١)، ولم يعاقبه النبيُّ ﷺ؛ لأنه كان متأولًا (٢).
• مسألة: فيما يتعلق بأصول الدين، هل يُشترط العِلمُ، أم لا يُشترط؟
أي: هل يُعذر أولئك الذين يأتون الأضرحة، ويتعلقون بها، ويذبحون لها، ويدعونها، … إلخ، فهذه الأشياء تُعتبر من الأمور الظاهرة، فهل يُعذرون فيها، أم لا يُعذرون؟
[مسألة في العذر بالجهل]
هذه المسألة فيها خلافٌ كثير، يتلخَّص في قولين لأهل العلم:
* الأول: وعليه أكثرُ أئمة الدعوة النجدية، يرون بأنه «لا يُعذر بالجهل»، فيما يتعلق بالأمورِ الظاهرة، فهؤلاء الذين يأتونَ الأضرحةَ والقبورَ معددونَ في المشركين، لا تحِلُّ ذبائِحُهم، ولا يُناكَحون، … الخ.
ويستدلون على هذا بأدلةٍ كثيرة، منها:
قولُ اللهِ ﷿: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٦٥]، وقد قامت الحجةُ بإرسالِ الرُّسل، فلا يُعذَرونَ فيما يُتعلق بالأمور الظاهرة.
وأيضًا قولُ الله ﷿: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]، وقد جاء النبيُّ ﷺ وبيَّنَ، وقامت الحجةُ، والقرآنُ واضحٌ في هذه الأمورِ الظاهرةِ.
(١) رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمر ﵄ في كتاب المغازي، باب بعْثِ النبيِّ ﷺ خالدَ بنَ الوليد إلى بني جَذِيمَة، برقم (٤٣٣٩)، وفيه: بعثَ النبيُّ ﷺ خالدَ بن الوليد إلى بني جَذِيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يُحسِنوا أنْ يقولوا: أسلَمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالدٌ يقْتلُ مِنهم ويأْسِر، ودفعَ إلى كلِّ رجلٍ منَّا أسيرَه … الحديثَ. (٢) قال الحافظ ابنُ حجر ﵀: «وحاصلُه أنَّ خالدَ بن الوليد غزا بأمر النبي ﷺ قومًا، فقالوا: صبأْنا، وأرادوا أسلمْنا، فلم يقبل خالدٌ ذلك منهم، وقتلَهم بناءٌ على ظاهر اللفظ، فبلغ النبيَّ ﷺ ذلك فأنكره، فدل على أنه يُكتفى مِنْ كلِّ قومٍ بما يُعرَف مِنْ لغتهم، وقد عذَر النبيُّ ﷺ خالدَ بن الوليد في اجتهادِه؛ ولذلك لم يَقُد منه». ا. هـ (فتح الباري ٦/ ٣٣٠). «قال الخطابي: الحكمة في تبرُّئِه ﷺ مِنْ فِعل خالدٍ مع كوْنه لم يعاقبه على ذلك لكونِه مجتهدا»، فتح الباري (١٣/ ٢٢٥).