عليه إلا اللهُ ﷿، فلا يَقْدِر على قَلْبِ الحَجرِ ذهبًا، والترابِ حديدًا، ونحو ذلك؛ لأنَّ هذا مِنْ خصائصِ اللهِ ﷿، ولو كان ذلك ممكنًا، لكان السَّحرةُ أغنى الناسِ، وكانوا ملوك العالم.
[حكم السحر]
٣ - المسألة الثالثة: حكمُ السّاحرِ، هل يكفر، أم لا؟
للعلماء في هذا رأيان:
[القول الأول: الساحر يكفر]
* الرأي الأول: أنَّ الساحرَ يكفُر، وقال بهذا كثيرٌ مِنْ أهلِ العِلم، وهو الذي مشى عليه المؤلفُ ﵀، وهو قول الأئمة أبي حنيفة، ومالك، وأحمد ﵏، والدليلُ قولُه تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٢]، فهذا يدل على أنَّ «السَّاحرَ يكْفرُ»؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ هؤلاء الشياطين لا يخدمون السَّحرةَ، إلا عن طريق الكُفرِ بالله ﷿، فهذا الجنيُّ لا يخدِمُ السَّاحرَ إلا إذا ذبحَ للجني، أو ذبحَ للقبرِ، أو إذا سبَّ اللهَ ﷿، أو سبَّ رسولَه ﷺ، أو استغاثَ بغير اللهِ ﷿، أو أهانَ القرآنَ الكريمَ، … الخ.
[القول الثاني: فيه تفصيل]
* الرأي الثاني: للإمامِ الشافعي (١)﵀، وفيه تفصيلٌ:
يقال للساحر:«صِفْ لنا سِحْرك»، فإنْ وصفَ ما يُوجِبُ الكفرَ، كَفَرَ، وإلا فَلا؛ لما وَرَدَ عن عائشة ﵂ أنها لم تقتل جارية لها سحرتها، رواه عبد الرزاق (٢)، والبيهقي (٣)، وابن حزم (٤)، بسندٍ صحيحٍ (٥)، فعدمُ قتلِها يدلُ على عدمِ كُفرِها، ولأنَّ الأصلَ بقاءُ الإسلامِ.
(١) يُنظر: الأم (٢/ ١٠٧)، وقرره النووي في شرح مسلم (١٤/ ١٧٦)، وروضة الطالبين (٧/ ١٩٨). (٢) المصنف، رقم (١٨٧٤٩)، (١٨٧٥٠)، والإمام أحمد في المسند، رقم (٢٤١٢٦). (٣) السنن الكبرى (٨/ ٢٣٧)، رقم (١٦٥٠٧). (٤) رواه في المحلى (١١/ ٣٩٥) مِنْ طريق عبد الرزاق عن مالك به. (٥) صحَّح إسنادَه الحافظُ ابنُ حجر ﵀ في التلخيص (٤/ ٧٧).