جملة آتيناهم صار خبرا، فلا يتعلق به {سَلْ}، وأنت ترى معنى هذا الكلام، ومصب السؤال على هذه الجملة، وهذا لا يكون إلا في الاستفهامية، ويحتاج في تقدير الخبرية إلى تقدير حذف وهو المفعول الثاني لـ {سَلْ}، ويكون المعنى: سل بني إسرائيل عن الآيات التي آتيناهم، ثم أخبر أن كثيرا من الآيات آتيناهم." (١) كذا ذكر السيوطي (٢) كلام أبي حيان.
واختصره (ع) فقال:
" وبما حررنا اندفع ما قال أبو حيان: من أن جعل {كَمْ} خبرية اقتطاعا للجملة التي هي فيها من جملة السؤال، فيصير الكلام مفلتا مما قبله، وأنت ترى مصب السؤال على هذه الجملة." (٣)
(أو استفهامية): " والجملة في موضع المفعول الثاني لـ {سَلْ}، و {سَلْ}: معلق، وقيل: في موضع المصدر أي: سلهم هذا السؤال، وقيل: في موضع الحال أي: سلهم قائلا كم آتيناهم." (٤)(ع)
(١) البحر المحيط (٢/ ٣٤٩). من المفسرين من وافق الإمام الزمخشري على أن «كم» في هذه الآية تحتمل الاستفهامية والخبرية. ينظر: مفاتيح الغيب (٦/ ٣٦٥)، مدارك التنزيل (١/ ١٧٦)، فتح القدير (١/ ٢٤٤)، روح المعاني (١/ ٤٩٤). ويقول النيسابوري في " غرائب القرآن " (١/ ٥٨٣): " فإن كانت استفهامية فالتقدير: سلهم عن عدد إيتائنا الآيات إياهم حتى يخبروك عن كميتها. وإن كانت خبرية فالمعنى: سلهم عن أنا كثيرا من الآيات آتيناهم." ومن المفسرين أيضا من وافق الإمام أبا حيان على أن "كم" هنا استفهامية، ومن هؤلاء صاحب "الدر المصون" حيث قال: " وهل «كَمْ» هذه استفهاميةٌ أو خبريةٌ؟ الظاهرُ الأولُ." (٢/ ٣٦٨) وصاحب "التحرير والتنوير" حيث قال: " وَهِيَ هُنَا [أي كمٍ] اسْتِفْهَامِيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وُقُوعُهَا فِي حيّز السُّؤَال، فالمسئول عَنْهُ هُوَ عَدَدُ الْآيَاتِ." (٢/ ٢٨٩). (٢) حاشية السيوطي على البيضاوي (٢/ ٤٠٥). (٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٠ / أ). (٤) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٠ / أ - ب). (٥) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٦).