والمراد به الحث على الإكثار والانتظام في سلك الآخرين.
{مَن يَقُولُ} أي: في ذكره:
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} أي اجعل إيتاءَنا ومنحتنا في الدنيا خاصة.
{وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} أي من حظ ونصيب؛ لاقتصار همه على الدنيا، فهو بيان لحاله في الآخرة.
ــ
(والمراد به الحث إلخ)" أي: المقصود من إيراد هذه الجملة المعترضة: الحث على الإكثار من الذكر، حيث نفى عن المُقل نصيب الآخرة، وأثبت للمكثر نصيب الدارين."(١)
(أي: اجعل إيتاءَنا)" إشارة إلى أن المفعول الثاني متروك؛ لأن هَمَّه الدنيا نفسها، كما أن هَمَّ طالب الدارين الحسنة."(٢)(سعد).
وفي (ع):
" يعني أن المفعول الثاني متروك، نَزَّل الفعل بالقياس إليه منزلة اللازم (٣)، ذهابا إلى العموم الفعلي، كما في قولنا: فلان يعطي، أي: اجعل كل إيتاءٍ لنا في [الدنيا](٤)؛ للإشارة إلى أن هَمَّه مقصور على مطالب الدنيا."(٥) أهـ
(من حظ إلخ) " من خُلُق به، إذا لاق (٦)؛ ولذا قال بعضهم: لا يستعمل إلا فيما له خطر.
(١) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٤ / ب). (٢) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٢ / ب). وينظر: مدارك التنزيل (١/ ١٧٢). (٣) الفعل اللازم: هو ما لا يصل إلى مفعوله إلا بحرف جر، نحو: مررت بزيد، أو لا مفعول له، نحو: قام زيد. ويسمى لازما وقاصرا وغير متعد ويسمى متعديا بحرف جر. ينظر: أوضح المسالك (٢/ ١٥٦)، شرح ابن عقيل (٢/ ١٤٥). (٤) في ب: الدارين. والمثبت أعلى هو الصحيح. (٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٤ / ب). وينظر: مفاتيح الغيب (٥/ ٣٣٦)، البحر المحيط (٢/ ٣٠٩)، روح المعاني (١/ ٤٨٦). وقال صاحب " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٤٧): " وَقَوْلُهُ: {آتِنَا} تَرَكَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ؛ لِتَنْزِيلِ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ مَا لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِبَيَانِهِ، أَيْ: أَعْطِنَا عَطَاءً فِي الدُّنْيَا، أَوْ يُقَدَّرُ الْمَفْعُولُ بِأَنَّهُ: الْإِنْعَامُ أَوِ الْجَائِزَةُ أَوْ مَحْذُوفٌ؛ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: {حَسَنَةً} فِيمَا بَعْدُ، أَيْ: آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً." (٦) لَاقَ: لَاقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ يَلِيقُ بِهِ: إذَا لَزِقَ، وَمَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، أَيْ: لَا يَزْكُو وَلَا يُنَاسِبُ وَنَحْوُهُ، ولاق به الثَّوبُ ونحوُه: ناسبه ولاءمه، فهو لائق. ينظر: مادة (ليق) في: المصباح المنير (٢/ ٥٦١)، معجم اللغة العربية المعاصرة (٣/ ٢٠٥٤).