قالوا: أوجه المجاز فيه: أن الحساب سبب لحصول علم الإنسان بما له وعليه، فأطلق اسم الحساب على هذا الإعلام؛ إطلاقا لاسم السبب على المسبب (١)، وهو مجاز مشهور.
ونُقِل عن ابن عباس قال:" لا حساب على الخلق، [بل](٢) يَقفون بين يديه - تعالى-، يُعطون كتبهم بأيمانهم فيها سيئاتهم، فيقال: هذه سيئاتكم قد تجاوزت عنها، ثم يُعطون كتب حسناتهم، ويقال: هذه حسناتكم قد ضاعفتها لكم."(٣)
ثانيها (٤): أن المحاسبة عبارة عن المجازاة، ووجه المجاز: أن الحساب للأخذ والعطاء، أطلق اسم السبب على المسبب. (٥)
الثالث: أنه يكلم العباد في أحوال أعمالهم، وكيفية مالها من الثواب والعقاب.
فمن قال: كلامه ليس بحرف ولا صوت، قال: إنه يخلق في أذن المكلف سمعا يسمع به كلامه القديم، كما أنه يخلق في عينيه رؤية يرى بها ذاته القديمة.
ومن قال: بصوت، قال: إنه يخلق كلاما يسمعه كل مكلف، أي: يخلق ذلك الكلام في أذن كل واحد منهم، أو في جسم يقرب من أذنه؛ بحيث لا تبلغ قوة ذلك الصوت أن تمنع الغير من فهم ما كلف به. (٦) " (٧) أهـ
(فبادروا): أي: قبل الفوات بقيام القيامة.
(١) وهذه تسمى "علاقة السببية": وهي إحدى علاقات المجاز المرسل، وهي تسمية المسبب باسم السبب؛ كقولهم: "رعينا الغيث" أي: النبات الذي سببه الغيث، وكذا قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] تجوز بلفظ السيئة عن الاقتصاص؛ لأنه مسبب عنها. ينظر: بغية الإيضاح (٣/ ٤٦٧). (٢) في ب: حتى. (٣) ينظر: تفسير الوسيط، للواحدي (١/ ٣٠٨)، مفاتيح الغيب (٥/ ٣٣٩)، غرائب القرآن (١/ ٥٧٠). (٤) أي ثاني أوجه المجاز. (٥) وهذه هي آراء العلماء في الحساب التي ذكرها الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٥/ ٣٣٩)، وذكرها أيضا صاحب تحفة المريد (٢/ ١٤٩). وينظر: غرائب القرآن (١/ ٥٦٩)، روح المعاني (١/ ٤٨٧). (٦) ينظر: مفاتيح الغيب (٥/ ٣٣٩)، تحفة المريد (١/ ١٥٢) باب: صفة الكلام. (٧) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٤٩٧).