فَوَصَفَ الفُرُش بكونها مبطنة بالإستبرق، وهذا يدلُّ على أمرين:
أحدهما: أنَّ ظهائرها أعلى وأحسن من بطائنها؛ لأنَّ بطائنها للأرض، وظهائرها للجمال والزينة والمباشرة.
قال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق عن هُبيرة بن يريم، عن عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه في قوله تعالى:{بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}[الرحمن: ٥٤]، قال:"هذه البطائن قد خُبِّرتم بها، فكيفَ بالظَّهائر (١) ؟ "(٢) .
الثاني: يدلُّ على أنَّها فرش عالية لها سَمْك وحَشْو بين البطانة والظهارة.
وقد رُوِيَ في سمكها وارتفاعها آثار؛ إنْ كانت محفوظة، فالمراد: ارتفاع محلِّها؛ كما رواهُ الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله تعالى:{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}[الواقعة: ٣٤] قال: ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمس مئة عام" (٣) .
(١) في "د": "تكون الظهائر" بدل "بالظهائر". (٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم (١٥٨)، والطبري في تفسيره (٢٧/ ١٤٩) والبيهقي في البعث والنشور رقم (٣٣٠) وغيرهم. وسندة لا بأس به لحال هبيرة بن يريم. انظر تهذيب الكمال (٣٠/ ١٥٠ - ١٥٢). (٣) أخرجه الترمذي رقم (٢٥٤٠، ٣٢٩٤)، والطبري في تفسيره (٢٧/ ١٨٥)، وأبو الشيخ في العظمة رقم (٥٩٣) وغيرهم. من طريق رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم =