الباب السادس عشر في توحُّد طريق الجنَّة وأنَّه (١) ليس لها إلَّا طريق واحد
هذا ممَّا اتفقت عليه الرسل من أوَّلهم إلى خاتمهم صلوات اللَّه وسلامه عليهم. وأمَّا طرق الجحيم: فأكثر من أن تُحْصى، ولهذا يُوَحِّد اللَّه سبحانه سبيله، ويجمع سبل النَّار كقوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا [٤٦/ ب] السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣]. وقال:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ}[النحل: ٩]. أي: ومن السُّبُل جائر (٢) عن القصد وهي: سُبُل (٣) الغي، وقال:{هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}[الحجر: ٤١].
وقال ابن مسعود: خَطَّ لنا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خطًّا، وقال:"هذا سبيل اللَّهِ، ثمَّ خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن يساره، ثمَّ قال: هذه سُبُلٌ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه" ثمَّ قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} الآية [الأنعام: ١٥٣](٤).
(١) في "ب": "وأنها". (٢) قوله: "أي: ومن السبل جائر" سقط من "ب، د"، ووقع في "ج": "السبيل" بدلًا من "السُّبل". (٣) في "ب، د" "سبيل". (٤) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٤٣٥)، والمروزي في "السنة" رقم (١١)، وابن حبان في صحيحه رقم (٦) و (٧)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٤٨ - ٣٤٩) رقم (٣٢٤١) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن ابن مسعود، فذكره. =