محضرون الحساب، قاله مجاهد (١). أي لو كان بينه وبينهم نسَب لم يحضروا الحساب، كما قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}[المائدة: ١٨]، فجعل سبحانه وتعالى عقوبتهم بذنوبهم وإحضارهم للعذاب مبطلًا لدعواهم الكاذبة، وهذا التقدير في الآية أبلغ في إبطال قولهم من التقدير الأوَّل، فتأمله، والمقصود ذكر أسماء الجنَّة.
فصل
الاسم الثاني: دارُ السَّلام:
وقد سمَّاها اللَّهُ تعالى بهذا الاسم في قوله:{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[الأنعام: ١٢٧]، وقوله {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}[يونس: ٢٥]، وهي أحقُّ بهذا الاسم، فإنَّها دار السلامة من كلِّ بليةٍ وآفةٍ ومكروهٍ، وهي دار اللَّهِ، واسمه سبحانه وتعالى السَّلام الَّذي سلَّمها (٢)، وسلَّم أهلها:{وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}[يونس: ١٠]، {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: ٢٣، ٢٤]، والرب تعالى يسلم عليهم من فوقهم، كما قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} [يس: ٥٧, ٥٨]، وسيأتي حديث جابر (٣) في سلام الربِّ تبارك وتعالى عليهم في الجنَّة، وكلامهم كلُّه فيها سلام، أي: لا لغو
(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٠٨). (٢) في نسخةٍ على حاشية "أ": "سلَّمها اللَّهُ". (٣) في ص (٦٦٣ و ٦٦٤).