وقد كشف سبحانه عن هذا المعنى كلَّ الكشف بقوله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}[الإسراء: ٥٧] فقوله: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}، هو تفسير للوسيلة (١) التي (٢) يبتغيها هؤلاء الَّذين يدعونهم المشركون من دون اللَّهِ، فَيُنَافِسُون (٣) في القرب منه.
ولمَّا كان رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعظم الخلق عبوديةً لربه، وأعلمهم به، وأشدَّهم له خشية، وأعظمهم له محبة؛ كانت منزلته أقرب المنازل إلى اللَّهِ، وهي أعلى درجة في الجنَّة، وأمرَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّتَهُ أنْ يسألوها له لينالوا بهذا الدعاء الزلفى من اللَّهِ، وزيادة الإيمان.
وأيضًا فإنَّ اللَّه سبحانه قدَّرها له بأسباب، منها: دعاء أمَّته له بها (٤) بما نالوه على يده من الإيمان والهدى، صلوات اللَّهِ وسلامه عليه.
فقوله:"حلت عليه"(٥) يُرْوَى: "عليه" و"له"، فمن رواه بالَّلام فمعناهُ: حصلت له. ومن رواه بِعَلَى فمعناهُ: وقعت عليه شفاعتي، واللَّهُ أعلم.
(١) في "ب، ج": "الوسيلة". (٢) في "ب، ج، د، هـ": "الذي". (٣) في "ظ، م، ج": "فيتنافسون". (٤) في "ب، ج، د": "لربها بما نالوه". (٥) تقدم ص (١٦٠ و ١٦١).