سبب الخلاف: ذكر ابن رشد أن لهذه المسألة سببي خلاف, فقال: "والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في ذلك" (١).
ثم قال: "ولاختلافهم أيضا في هذه المسألة سبب آخر: وهو تردد الصوم للتطوع بين قياسه على صلاة التطوع أو على حج التطوع" (٢).
أدلة القول الأول: القائلين بأنه يجب عليه القضاء.
الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه, فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبدرتني إليه حفصة، وكانت ابنة أبيها، قالت: يا رسول الله إنا كنا صائمتين اليوم، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، فقال صلى الله عليه وسلم: «اقضيا يوما آخر» (٣).
وفي لفظ: أصبحت أنا وحفصة رضي الله عنهما صائمتين متطوعتين، فأُهدِي لنا طعام فأفطرنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوما مكانه يوما آخر» (٤).
وجه الاستدلال: في هذا الحديث دليل على أن من أفطر في التطوع يلزمه قضاء اليوم الذي أفطره (٥).
قال محمد بن الحسن الشيباني: "وبهذا نأخذ: من صام تطوعا، ثم أفطر فعليه القضاء" (٦).
الدليل الثاني: عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - , قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فقال: «إني أريد الصوم» , وأهدي له حيس, فقال: «إني آكل وأصوم يوما مكانه» (٧).
(١) بداية المجتهد ٢/ ٧٤.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٧٥.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٤٦٦).
(٤) سبق تخريجه صفحة (٤٦٦).
(٥) ينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ١٠٨، وعمدة القاري ١١/ ٧٨، والمحلى ٤/ ٤١٩.
(٦) ينظر: موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني ص: ١٢٧.
(٧) رواه النسائي في السنن الكبرى ٣/ ٣٦٤ رقم ٣٢٨٦, في الصيام, باب النية في الصيام, وقال: "هذا اللفظ خطأ، قد روى هذا الحديث جماعة عن طلحة فلم يذكر أحد منهم: «ولكن أصوم يوما مكانه» ", والدارقطني في السنن ٣/ ١٣٨ رقم ٢٢٣٧, وقال: "ولم يتابع على قوله: «وأصوم يوما مكانه» ", والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤٥٦ رقم ٨٣٤١, في الصيام, باب صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه, وقال: "وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ".