أو يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تَرَكَه لعارض، ومما يُبَيِّن ذلك ما جاء في فضل صيام المحرم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»(١)، ومع هذا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مكثرا الصيام فيه (٢).
فهل يقال بعدم مشروعية صيام شهر الله المحرم؟ .
ومن تلك العوارض التي يمكن أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ترك بسببها صيام العشر -إن صح هذا الفهم لحديث عائشة - رضي الله عنها -:
أولا: خشية أن يفرض على أمته، فيتركه وهو يحب أن يعمله (٣).
ثانيا: وقد يكون العارض سفرا، أو مرضا، أو نحوهما، فيتركه لذلك (٤).
ثالثا: وقد يكون العارض هو الضعف عن أن يعمل فيها ما هو أعظم منزلة من الصوم, وأفضل منه من الصلاة, ومن ذكر الله عز وجل , وقراءة القرآن كما قد روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في ذلك مما كان يختاره لنفسه (٥)، حيث قال ¢:«إني أخاف أن يمنعني من قراءة القرآن، فإن قراءة القرآن أحب إلي من الصوم»(٦). والله أعلم.
(١) رواه مسلم ٢/ ٨٢١ رقم ١١٦٣, في الصيام, باب فضل صوم المحرم. (٢) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٨/ ٣٧. (٣) ينظر: فتح الباري ٢/ ٤٦٠. (٤) ينظر: نيل الأوطار ٥/ ٢٤٧. (٥) ينظر: شرح مشكل الآثار ٧/ ٤١٩. (٦) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٢٧٤ رقم ٨٩٠٩, في الصيام, باب من كان يقل الصوم, وعبد الرزاق في المصنف ٤/ ٣١٠ رقم ٧٩٠٣, في الصيام, باب فضل الصيام, والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ١٧٥ رقم ٨٨٦٨.