سبب الخلاف: لعل سبب الخلاف -والله أعلم- يكمن في فهم وتوجيه حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي سيأتي -إن شاء الله- في أدلة القول الثاني.
أدلة القول الأول: القائلين بأنه يستحب صيامها.
الدليل الأول: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:«ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء»(١).
الدليل الثاني: وعنه أيضا - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من عمل أزكى عند الله عز وجل , ولا أعظم أجرا من خير تعمله في عشر الأضحى». قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:«ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل , إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»(٢).
وجه الاستدلال من الحديثين: أن الحديثين دلا على فضيلة العمل في عشر ذي الحجة على العموم، والصوم مندرج تحتها (٣)، لذا ينبغي أن يكون الصيام فيها مستحبا، كسائر العمل الصالح.
(١) رواه البخاري ٢/ ٢٠ رقم ٩٢٦, أبواب العيدين باب فضل العمل في أيام التشريق, وأبو داود ٢/ ٣٢٥ رقم ٢٤٣٨, في الصوم باب في صوم العشر, واللفظ له. (٢) أخرجه الدارمي ٢/ ١١١٣ رقم ١٨١٥, في الصوم باب في فضل العمل في العشر, والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٤١٦ رقم ٢٩٧٠, والبيهقي في الشعب ٥/ ٣٠٩ رقم ٣٤٧٦, وقال الألباني في الإرواء ٣/ ٣٩٨: "إسناده حسن". (٣) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٨٣، وينظر: لطائف المعارف ص ٢٦٢، المحلى ٤/ ٤٤٠.