الدليل الثاني: في حديث أوس بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إني سأعينه بعَرق من تمر»، فقالت امرأته: يا رسول الله إني سأعينه بعَرْق آخر قال: «أحسنت اذهبي، فأطعمي بها عنه ستين مسكينا، وارجعي إلى ابن عمك» قال: والعَرْق: ستون صاعا (١).
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال:«يعني بالعَرْق: زِنْبيلا يأخذ خمسة عشر صاعا»(٢).
وجه الاستدلال: من هذين الحديثين أخذ الإمام أحمد بن حنبل مذهبه وهو ظاهر، فإن الحديث الأول أمر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - المظاهر بأن يطعم نصف الوسق من الشعير أعني ثلاثين صاعا منه ستين مسكينا فيكون لكل مسكين نصف صاع من الشعير، أعني: مُدَّين، وغير الشعير -ما عدا البُرّ- كالشعير، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث نفسه:«فإن مُدَّيْ شعير مكان مُدّ بُرّ»، وهذا يقضي بأن الواجب من البُرّ مُدٌّ واحد. والحديث الثاني يفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أوس - رضي الله عنهما - بأن تتصدق بمجموع ما أعطته، وما أعطاه - صلى الله عليه وسلم - وهما العرقان، ومقدارهما ثلاثون صاعا من التمر على الستين مسكينا، ثم ترجع إلى زوجها، وذلك يقضي بأن المسكين الواحد له نصف صاع من هذا المقدار (٣).
الدليل الثالث: ولأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام، فكان منها لكل فقير من التمر نصف صاع، كفدية الأذى (٤).
الدليل الرابع: ولأن الإجزاء بمد من البر هو قول: ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وزيد - رضي الله عنهم - , ولا مخالف لهم في الصحابة (٥).
(١) رواه أبو داود ٢/ ٢٦٦ رقم ٢٢١٤, في الطلاق باب في الظهار, والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٦٤٢ رقم ١٥٢٨٤, في الظهار باب لا يجزي أن يطعم أقل من ستين مسكينا ... , وحسنه الألباني في الإرواء ٧/ ١٧٤ رقم ٢٠٨٧ دون قوله: "والعرق ستون صاعا". (٢) رواه أبو داود ٢/ ٢٦٧ رقم ٢٢١٦, في الطلاق, باب في الظهار, وقال الألباني في صحيح أبي داوود ٦/ ٤١٧: "صحيح". (٣) ينظر: العزيز في شرح الوجيز ١٢/ ٢٦٤، والمغني ٣/ ١٤٢. (٤) ينظر: الكافي لابن قدامة ٣/ ١٧٥، والمغني ٨/ ٣١. (٥) ينظر: المغني ٣/ ١٤٢, وتنظر آثارهم في مصنف ابن أبي شيبة تحت أرقام: ١٢٢٠٥، ١٢٢٠٦، ١٢٢٠٧، كتاب الأيمان والنذور والكفارات, باب من قال كفارة اليمين مد من طعام, وينظر أثر ابن عمر في زكاة الفطر عند: الترمذي ٣/ ٥٢ رقم ٦٧٥, أبواب الزكاة, باب ما جاء في صدقة الفطر.