لهم أن الواجب في الكفارة من الطعام نصف صاع من البر لكل مسكين، وصاع من غيره كالتمر ونحوه؛ لأنها أقل منزلة من البُرّ، ولا تفاوت بينها عندهم (١).
الدليل الخامس: عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال:«كَفَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاع من تمر وأمر الناس بذلك، فمن لم يجد فنصف صاع من بُرّ»(٢).
الدليل السابع: ولأن هذه صدقة مُقَدَّرة بقوت يومٍ لمسكين، فلا تنقص عن نصف صاع، كصدقة الفطر والأذى (٤).
أدلة القول الثاني: القائلين بأنها ١٥ صاعا (٦٠ مدا) لكل مسكين ربع صاع أي مُدّ.
الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال:«بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل يَنتِف شعره، ويدعو ويله فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما لك»؟ قال: وقع على امرأته في رمضان، قال:«أعتق رقبة»، قال: لا أجدها، قال:«صم شهرين متتابعين»، قال: لا أستطيع، قال:«أطعم ستين مسكينا»، قال: لا أجد، قال: فأُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعَرْق فيه خمسة عشر صاعا من تمر، قال:«خذ هذا فأطعمه عنك ستين مسكينا» ... » (٥).
وجه الاستدلال: ظاهر هذا الحديث يدل على أن قدر خمسة عشر صاعا كافٍ لكفارة الجماع في رمضان، لكل مسكين مُدٌّ؛ لأن العَرَق الذي أُتي به كان فيه هذا المقدار، وقد دفعه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الأعرابي ليُكَفِّر به (٦).
(١) ينظر: العزيز في شرح الوجيز ١٢/ ٢٦٣ - ٢٦٤، والمبسوط للسرخسي ٧/ ١٦. (٢) رواه ابن ماجه ١/ ٦٨٢ رقم ٢١١٢, كتاب الكفارات باب كم يطعم في كفارة اليمين, والبزار في مسنده ١١/ ٣٠٨ رقم ٥١١٣, وقال: "عمر بن عبد الله بن يعلى، وهو رجل ليس بالقوي", وقال في زوائد ابن ماجه ٢/ ١٣٥: "هذا إسناد فيه عبد الله بن يعلى الثقفي وهو ضعيف". (٣) ينظر: المبسوط للسرخسي ٧/ ١٦، بدائع الصنائع ٥/ ١٠٢، والآثار في مصنف ابن أبي شيبة بأرقام: ١٢١٩٢، ١٢١٩٣، ١٢٢٠٤, كتاب الأيمان والنذور والكفارات, باب من قال: نصف صاع. (٤) ينظر: بدائع الصنائع ٥/ ١٠٢، والمبسوط للسرخسي ٧/ ١٦، وتحفة الفقهاء ٢/ ٢١٥. (٥) رواه أحمد ١١/ ٥٣٢ رقم ٦٩٤٤، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٣٨٢ رقم ٨٠٥٩, في الصيام باب رواية من روى الأمر بقضاء يوم مكانه, وقال شعيب الأرنؤوط: "حديث صحيح". (٦) ينظر: معالم السنن ٢/ ١١٩ - ١٢٠، إكمال المعلم ٤/ ٥٥.