سبب الخلاف: وسبب اختلافهم في هذه المسألة: هو اختلاف الأحاديث الواردة في تقدير الكفارات الأخرى، وأخذ كل واحد منهم ما ثبت عنده منها، واطمأنت إليه نفسه (٢).
أدلة القول الأول: القائلين بأنها ٣٠ صاعا (٦٠ مدا) من البر لكل مسكين نصف صاع أي مدان، أو ٦٠ صاعا (١٢٠ مدا) من غير البر لكل مسكين صاع أي أربعة أمداد.
وجه الاستدلال: أن المُدّ ليس من الأوسط، بل أوسط طعام الأهل يزيد على المُدّ في الغالب (٤).
الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها قالت: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: احترقت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لم؟ » قال: وطئت امرأتي في رمضان نهارا، قال:«تصدق، تصدق» قال: ما عندي شيء، فأمره أن يجلس، فجاءه عرقان فيهما طعام، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتصدق به (٥).
وجه الاستدلال: إذا كان العرق خمسة عشر صاعا، فالعرقان ثلاثون صاعا، على ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع (٦). وحملوا الطعام هنا على أنه البُرّ (٧).
الدليل الثالث: عن أَوْس بن الصامت (٨) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:«أعتق رقبة، فقال: ليس عندي، فقال: «صم شهرين متتابعين»، قال: لا أقدر، قال:«فأطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا»، قال: لا أملك ذلك إلا أن تعينني, فأعانه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر صاعا, وأعانه
(١) مسائل أحمد وإسحاق ٩/ ٤٧٨٣، المغني ٣/ ١٤١، دقائق أولي النهى ١/ ٤٨٦، كشاف القناع ٢/ ٣٢٧، مطالب أولي النهى ٥/ ٥٢٩. (٢) ينظر: العزيز في شرح الوجيز ١٢/ ٢٦٣. (٣) سورة المائدة: آية: ٨٩. (٤) ينظر: بدائع الصنائع ٥/ ١٠٢. (٥) سبق تخريجه صفحة (٣٨٦). (٦) ينظر: عمدة القاري ١١/ ٢٧. (٧) ينظر: المبسوط للسرخسي ٧/ ١٦. (٨) هو: أَوْس بن الصامت الأنصاري الخزرجي الصحابي، وهو أخو عبادة بن الصامت، شهد بدرا، وهو الذى ظاهر من امرأته، مات أيام عثمان، وله خمس وثمانون سنة. ينظر: معرفة الصحابة ١/ ٣٠٢, تهذيب الكمال ٣/ ٣٨٩, تهذيب التهذيب ١/ ٣٨٣.