أدلة القول الأول: القائلين تجوز المباشرة للصائم، إذا لم يخف منها أن تدعوه إلى غيرها، مما يمنع منه الصائم، فإن دعت إلى ذلك بأن حركت شهوته فهي مكروهة.
الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشر وهو صائم، ولكنه كان أَمْلَكُكُم لِإِرْبِهِ (٢)» (٣).
وجه الاستدلال: لمّا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشر وهو صائم، وكان أملك الناس لإربه، فغير ذي الشهوة يأخذ حكمه (٤).
الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم فرخص له, وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب»(٥).
وجه الاستدلال: أن نهيه - صلى الله عليه وسلم - للشاب وإذنه للشيخ يدل على أنه لا تُباح المباشرة لمن خشي أن تغلبه الشهوة، وظن أنه لا يملك نفسه عند المباشرة (٦).
(١) المحلى ٤/ ٣٣٨. (٢) يقال: إِرْبه، وأَرَبه، واختُلف في الأشهر منهما: فرجح النووي الأول، ورجح ابن الأثير الثاني. واختلف في معناه, فقيل: معناهما واحد وهو حاجة النفس، وقيل: بالفتح الحاجة، وبالكسر فيه وجهان: الأول الحاجة أيضا، والثاني العضو، ويقصد به من الأعضاء الذَكَر خاصة. ينظر: النهاية في الغريب ١/ ٣٦، وشرح مسلم للنووي ٧/ ٢١٦، ومعالم السنن ٢/ ١١٣. والمقصود في الحديث: حاجة النفس؛ كما جاء ذلك صريحا في رواية الموطأ ص ٢٩٣. (٣) رواه البخاري ٢/ ٦٨٠ رقم ١٨٢٦، في الصيام, باب المباشرة للصائم, ومسلم ٢/ ٧٧٧ رقم ١١٠٦، في الصيام باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته, واللفظ له. (٤) ينظر: المغني ٣/ ١٢٨، وطرح التثريب ٤/ ١٣٨. (٥) رواه أبو داود ١/ ٧٢٦ رقم ٢٣٨٧, في الصوم, باب كراهيته للشاب, والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٢٣١ رقم ٧٨٧٢, في الصيام, باب كراهية القبلة لمن حركت القبلة شهوته, وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ١٤٨ رقم ٢٠٦٥: "إسناده حسن صحيح". (٦) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٥٠.