وجه الاستدلال من الآية: إن لفظة (ثُمَّ) تفيد التراخي، فإذا علمت أن الإجماع قائم على وجوب الإمساك عن المفطرات من الفجر، ووجوب الإمساك من الفجر مدلول عليه بذكر الغاية إلى الْفَجْرِ، فإنّ معناه أن ما كان حلالا قبله يحرم بمجيئه، وذلك بالإمساك من الفجر، فإذا أمسكنا فعلينا الإتمام الذي أتى في الآية بلفظة (ثُمَّ) التي تفيد التراخي، والإتمام إنما يكون بقصد، فكأنّ النية التي هي القصد لم تُطلب إلا بعد تحقّق الصيام، فكان ذلك دليلا على أنّ النية تكون بعد الصيام، فلا يلزم تبييتها، وهو المطلوب (٧).
الدليل الثاني: عن سَلَمَة بن الأكْوع - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء:«أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل»(٨).
وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم عاشوراء أن يصوموا بنية من النهار, وكان صوما واجبا, ولولا أن الواجب يصح بنية من النهار؛ لم يجزهم (٩).
(١) الكافي ١/ ٣٣٥, الذخيرة ٢/ ٤٩٨, القوانين الفقهية ص ٧٩, مواهب الجليل ٢/ ٤١٨. (٢) الأم ٢/ ١٠٤, الحاوي ٣/ ٣٩٧, حلية العلماء ٣/ ١٥٤، المجموع ٦/ ٣٠١, منهاج الطالبين ص ٧٤. (٣) الكافي ١/ ٤٣٩، الفروع ٤/ ٤٥١، شرح الزركشي ٢/ ٥٦٣، دقائق أولي النهى ١/ ٤٧٨. (٤) المحلى ٤/ ٢٨٥. (٥) بداية المجتهد ٢/ ٥٦. (٦) سورة البقرة: آية: ١٨٧. (٧) ينظر: تفسير آيات الأحكام ص ٩٢، روح المعاني للألوسي ١/ ٤٦٤، وبدائع الصنائع ٢/ ٨٦، وعمدة القاري ١٠/ ٣٠٥. (٨) سبق تخريجه صفحة (١١٣). (٩) ينظر: كتاب الصيام من شرح العمدة ١/ ١٨٤ - ١٨٥.