سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب، وتردد الخبر في ذلك بين أن يكون من باب الشهادة أو من باب العمل بالأحاديث التي لا يشترط فيها العدد"(١).
أدلة القول الأول: القائلين بأن رؤية هلال رمضان بابها باب الإخبار، فيكفي فيها الإخبار من واحد، ولا تشترط فيها الشهادة.
الدليل الأول: عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: أخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني رأيت الهلال, «فأمر الناس بالصيام»(٢).
وجه الاستدلال: أن ابن عمر - رضي الله عنه - ذكر أنه أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاكتفى بالإخبار ولم يلزمه بالشهادة، فكان فيه حجة لمن أجرى الأمر في رؤية هلال شهر رمضان مجرى الإخبار ولم يحملها على أحكام الشهادات (٣).
الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال؛ يعني رمضان، فقال:«أتشهد أن لا إله إلا الله؟ » قال: نعم. قال:«أتشهد أن محمدا رسول الله؟ » قال: نعم. قال:«يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدا»(٤).
وجه الاستدلال: أن الأعرابي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه رأى الهلال فقبل منه - صلى الله عليه وسلم -، فدل على أن الإخبار كاف ولا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى الدعوى (٥).
الدليل الثالث: ولأن الواحد العدل فيه كاف عند جماعة من العلماء، فلو كان شهادة لما اكتُفيَ بالواحد، ولكان العدد الواجب في ثبوت الشهادة شرطا (٦).
الدليل الرابع: ولأنه خبر ديني، فأشبه الرواية، والخبر عن القبلة، ودخول وقت الصلاة (٧).
(١) بداية المجتهد ٢/ ٤٨. (٢) سبق تخريجه صفحة (٨٨). (٣) ينظر معالم السنن ٢/ ١٠٣، وسبل السلام ١/ ٥٦١. (٤) سبق تخريجه صفحة (٨٨). (٥) ينظر: معالم السنن ٢/ ١٠٣, وعون المعبود ٦/ ٣٣٤, وتحفة الأحوذي ٣/ ٣٠٣. (٦) ينظر بدائع الصنائع ٢/ ٨١، ومعالم السنن ٢/ ١٠١. (٧) ينظر: المغني ٣/ ١٦٥، شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ١٤٦.