(فَأَمَّنَا فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ) (١)، دَلَالَةٌ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ جَمَاعَةً.
وَقَوْلُهُ: (عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ) بِتَنْوِينِ الرَّاءِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ (مَنْبُوذ) صِفَةٌ لِقَبْرٍ. وَمَعْنَاهُ: عَلَى قَبْرٍ مُنْتَبِذٍ عَنِ القُبُورِ، أَيْ: بَعِيدٍ مُتَنَحٍّ عَنْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ (٢)، أَيْ: اعْتَزَلَتْ، وَتَنَحَّتْ.
يُقَالُ: جَلَسَ نَبْذَةً مِنَ النَّاسِ وَنُبْذَةً، أَيْ: نَاحِيَةً، وَهُوَ إِذَا جَلَسَ قَرِيبًا مِنْكَ بِحَيْثُ [لَوْ] (٣) نَبَذْتَ إِلَيْهِ شَيْئًا لَوَصَلَ إِلَيْهِ.
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ (٤): نَبَذْتُ الشَّيْءَ: رَمَيْتُ بِهِ، وَمِنْهُ الحَدِيثِ: (فَنَبَذَ خَاتَمَهُ، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ) (٥).
وَرُوِيَ (عَلَى قَبْرِ مَنْبُوذٍ) بِالإِضَافَةِ يَعْنِي: اللَّقِيطَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ رُمِيَ بِهِ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ.
وَفِي الحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ.
وَفِي قَوْلِ الحَسَنِ: (وَأَحَقُّهُمْ [بِالصَّلَاةِ] (٦) عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُ لِفَرَائِضِهِمْ) (٧)، أَيْ: يُخْتَارُ لِلْإِمَامَةِ مَنْ يُرْضَى دِينُهُ وَسَمْتُهُ.
(١) حديث ابن عباس ﵄ (رقم: ١٣٢٢).(٢) سورة مريم، الآية: (١٦).(٣) زيادة من الغريبين للهروي (٦/ ١٧٩٩) يقتضيها سياق الكلام.(٤) ينظر: العين (٨/ ١٩١)، جمهرة اللغة لابن دريد (١/ ٣٠٦)، والصحاح للجوهري: (٣/ ١٣٢).(٥) أخرجه البخاري (رقم: ٥٨٦٧) ومسلم (رقم: (٢٠٩١) من حديثِ عبدِ الله بن عُمَر ﵁ مرفوعا.(٦) سَاقِطَةٌ مِن المخْطُوطِ، والاسْتِدْراك من صَحِيحِ البُخَاري.(٧) عَلَّقَه البخاري هنا، وقال الحافظ في فتح الباري (٣/ ١٩٠): "لم أَرَهُ مَوْصُولا". =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute