وفي المدينة أعظمُ من المعصية في غيرهما، وكما تُضاعَفُ الحَسَنَات في البقاع الشّريفة والأزمنة الشّريفة، كذلك تُضَاعَفُ السّيئاتُ. قال الله العظيم:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} بظلم} الآية، إلى قوله {عَذَابٍ أَلِيمٍ}(١). وقال تعالى:{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(٢) وإن أراد السائلُ: أيُّ الأعمال فيهما أفضلُ ثوابًا؟ قلنا له: ما لم يُعَيِّنْ للعمل بُقْعَةٌ من مكّةَ أو المدينةِ فالفضلُ في ذلك سواءٌ، إِلَّا السُّكنَى كما بيَّنَّا، فالسُّكنَى في المدينة أفضلُ اقتداءً بالنَّبىِّ، فصُحبةُ المدينةِ أحبُّ إلينا من مَكَّةَ، اقتداءً بالنَّبيّ -عليه السّلام- حين قالت له عائشةُ رضي الله عنها: إنِّي دخلتُ على عامرٍ بنِ فُهَيْرَةَ، فوجدْتُه قد وُعِكَ، وهو يقول:
فأخبرت بذلك النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فقال:"اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَينَا المَدِينَةَ كَحُبِنَّا مَكَّةَ أَو أَكثر وَانقُل حُمَّاهَا فَاجعَلهَا بِالحُجفَةِ"(٣).
مزيد وضوح:
فظنَّ قوم (٤) بهذه الآثار أنّ المدينة أفضل من مكّة بدعاء رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - للمدينة
(١) الحجِّ: ٢٥. (٢) التوبة: ٣٦. (٣) سيأتي تخريجه لاحقًا. (٤) منهم القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورتة ٢٨٣. والفقرة الأولى من هذا الكلام التالي مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١١.