حَطَبًا، وأجَّجَ نارًا عَظِيمَةً؛ فَجَعَل يُقَطّع لهُنَّ من كَبِدها وسَنَامها وأطَايبها فَيْرميْنَه على الجَمْر ويَأكُلْنَهُ، ويشرَبن منِ فَضْلةٍ (a) كانت معه، ويُغَنِّيُهُنَّ، ويَنْبذُ إلى العَبِيْدِ (b) من الكتاب حتَّى شَبِعْنَ وطَربن.
فلمَّا أَرَدْن الرَّحِيْلَ قالت إِحداهُنَّ: أنا أحْمِلُ طِنْفَسَتَهُ. وقالت الأُخرى: أنا أحْمِلُ حَشِيَّتَهُ وأَنْسَاعَهُ، فتقَسَّمْن رَحْلَهُ، وبَقِيَتْ عُنَيْزَهَ لم تَحْمِل شيئًا، فقال لها امْرُؤُ القَيْسِ: يا بنْتَ الكِرَام، ليس لك بُدٌّ من أنْ تَحْمليني مَعَك، فإنِّي لا أُطِيقُ المَشْىَ، ولَم أتَعَوَّدهُ! فَحمَلتْهُ على غَارِب بَعِيْرها، فكان يَجْتَنحُ إليهِا، ويُدْخِل رَأسَهُ في خِدْرها إذا شَاءَ أنْ يُقَبِّلهَا، فإذا امْتَنَعَتْ عليه مال حِدْجُها فتَقُول: يا امْرَأَ القَيْسِ، قد عَقَرْتَ بَعيْري فسِرْ بنا، فسَارَ كذلك حتَّى إذا كان قَريبًا من الحيَّ نزَل فأقام حتَّى إذا جَنَّهُ اللَّيْلُ أتَى أهْلَهُ.
وقال امْرُؤُ القَيْس في ذلك، وكَلْبٌ يَزْعُمُون أنَّ خَمْسةَ أبياتٍ من أوَّلها لامْرِئ القَيْس بن حُمَام الكَلْبىِّ، ولا يزيدونَ على الخَمْسة شيئًا (١): [من الطويل]