الحقيقة لم تأت آية قاطعة يُستدل بها على هذا الذي ذكره المؤلف، وإنما الاستدلال بالآيات عن طريق المفهوم، بلاليل أن الحنفية والجمهور (٣) يستدلون بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢]، فالجمهور يرون: أن الخطاب للأولياء، والحنفية: يجعلون هذا من أقوى الأدلة على مذهبهم؛ لأنه أضاف النكاح إليهن، لكن جاء في الحديث:"لا نكاح إلا بولي"(٤)، والذين قدحوا فيه قالوا: إنه من رواية الزهري وهو في
(١) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب (٧٢٧)؛ حيث قال: "الولي شرط في صحة عقد النكاح، فلا يجوز لامرأة أن تزوج نفسها ولا غيرها". (٢) أخرجه ابن ماجه (١٨٨٠)، وعن عكرمة، عن ابن عباس، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٥٨). (٣) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٧٣)؛ حيث قال: "وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار إذ عضل أخته عن مراجعة زوجها، قاله البخاري. ولو أن له حقًّا في الإنكاح ما نهي عن العضل. قلت: ومما يدل على هذا أيضًا من الكتاب قوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}، وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال، ولو كان إلى النساء لذكرهن". (٤) تقدَّم تخريجه.