مَمْدُودٍ﴾ [الواقعة: ٣٥]" (١)، وكحديث أنس أن النبي ﷺ قرأ: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٢] ثُم قال: "أتَدْرُود ما الكوثرُ؟ " فقُلنا اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: " فإنَّه نهرٌ وعَدنيهِ ربِّي ﷿، عليه خَيْرٌ كثيرٌ … " (٢).
فهذا وأمثاله مما صح عن النبيِّ ﷺ لا يقدم عليه شيء - والله أعلم - ولو كان من تفسير القرآن بالقرآن؛ لأن هذا نقليّ وذاك يدخله الاجتهاد كما قدمنا.
وأما الثاني: فهو السنن القولية والفعلية الواردة عن النبي ﷺ، والتي هي بمجملها تفسير للقرآن وتبيين له، لكن تعلُّقها بالآيات عامّ غيرُ مباشر، وربطُها بها يكون عن طريق الاجتهاد، مثال ذلك: قوله ﷾: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾ [ص: ٣٤] بعض المفسرين المتأخرين حملوا هذه الآية على حديث سليمان أنه قال: "والله لأطوفنَّ الليلة على مئة امرأةٍ، تلد كلُّ امرأةٍ منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن، فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام "، فقالوا: إن هذا هو الجسد الذي أخبر الله ﷾ عنه، والرسول ﷺ لم يربط هذا الحديث بالآية، وإنما أخبر بخبرٍ عن سليمان ﵇، فحَمْلُ الحديثِ على الآية ليس من فعل الرسول ﷺ، وإنما من عمل المجتهد، فهذا النوع يدخله الاجتهاد،
(١) رواه البخاري (٣٢٥٢) من حديث أبي هريرة ﵁. (٢) رواه مسلم (٤٠٠).