فهُو عَلى هذا تَعجُّبٌ مِن كثرةِ ذِكرهِ لها، كأنَّه قيل: في أيِّ شُغلٍ أنت مِن ذِكراها والسُّؤالِ عَنها؟ يعني: إنَّهمْ يُلحونكَ في السُّؤالِ عنها، يسألونك فلا تَزالُ تَتذكَّرُها (٢) وتَسألُ عنها لحِرصكَ على جَوابهم.
* * *
(٤٤) - ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾.
ثُم قال: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾؛ أي: لا يَنتهي عِلمُها إلَّا إلى رَبك، لا يَعلمُها أحدٌ إلَّا هو.
وقيل: ﴿فِيمَ﴾ إنكارٌ لسؤالهم؛ أي: فيمَ هذا السُّؤالُ؟ ثُمَّ قيلَ: ﴿أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾ يعنِي: إرسالُكَ وأنت خاتمُ الأنبياءِ المَبعُوثُ في نَسمِ السَّاعةِ (٣) ذِكرٌ من ذِكراها؛ أي: علامةٌ مِن علاماتها فكفاهُم بذلك دليلًا على اقتِرابها، وباعِثًا عَلى
(١) رواه البزار في "مسنده" (٢٢٧٩) دون قوله: (فانتهى)، والحاكم في "المستدرك" (٣٨٩٥) وما بين معكوفتين منه، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن الزُّهريِّ، عن عروةَ، عن عائشةَ ﵂. قال في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٣٣): رواه البزَّار، ورجالُه رجالُ الصَّحيحِ. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فإنَ ابن عُيينةَ كان يُرسلُه بأخرة. قلت: رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٤٧) عن ابن عيينة عن الزهري عن عروة مرسلا، وفيه: (فانتهى عن السؤال). وفيه تفسير القائل: (فانتهى) في رواية الحاكم. (٢) في (ع): "تذكرها"، وفي (م): "تتذاكرها". (٣) تقدم عند تفسير: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ قوله ﵊: "بُعِثتُ في نسم الساعة".